للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستعمال الدائم يجعل من كل إنسان ناقداً، فأي إنجليزي لا يأنس في نفسه، من مجرد صياغة الأسلوب وزيه، القدرة على التمييز بين الإنشاء الإنجليزي الجديد وإنشاء قديم انقضى عليه مائة عام؟ ومثل هذه الفروق الواقعية المحسوسة موجودة في عهود اللغة اليونانية العديدة … ولكن القلة القليلة هي التي أتيح لها من التفقه والمرانة على تلك اللغة ما يبلغها تلك الرهافة في الذوق" (٢٧).

هاهنا أديب قادر على كتابة الإنجليزية قدرته على قراءة اليونانية.

وفي ١٦٩٩ رقى بنتلي إلى نظارة كلية ترنتي بكمبردج بإجماع الأساقفة الستة الذين عينهم وليم الثالث لترشيح من يشغل الوظيفة الشاغرة. فأحكم ضبط الطلبة، وأصلح المنهج، وبنى مختبراً للكيمياء ومرصداً للفلك. ولكنه نفر هيئة التدريس والآداب بالكلية بغطرسته وعتوه وولعه بالمال، حتى لقد حكم برفته مرتين، ولكنه ناضل للرجوع إلى وظيفته، واحتفظ بها إلى النهاية. ونشر خلال ذلك عدداً كبيراً من الدراسات اليونانية واللاتينية، وشجع ومول الطبعة الثانية من كتاب نيوتن "المبادئ" وهدم أنطوني كولنز في كتابه "ملاحظات على مقال حديث في الفكر الحر" (١٧١٣)، وغامر في تهور بالخروج من ميدانه، بأنه علق على قصيدة ملتن "الفردوس المفقود" بتصحيحات متقعرة لنحو ملتن ونصه. وجلب على نفسه عداء الشاعر ألكسندر بوب إذ قال في ترجمة بوب للألياذة "قصيدة جميلة يا مستر بوب، ولكن يجب ألا تسميها هومر". روى بنتلي أن "الشبل المنذر بالشر" لم يصفح عنه قط. وهزأ بوب في "ملحمة المغفلين" The Dunciad ( ابريل ١٧٤٢) ببيتين من الشعر قال فيهما:

"المعلق الجبار، الذي سفهت تحقيقاته المضنية هوراس، وحقرت قوافي ملتن" (٢٨).

وفي يوليو مات بنتلي بعد أن اصطلح عليه بوب وذات الجنب. لقد كان أعظم وأثقل أديب أنجبته إنجلترا.

وفي هذه الأثناء مد إنجليزي آخر يدعى توماس ستانلي آفاق