للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحوال (١٣٢) ". وينبغي التسليم بأن مذهب لوك في هذه النقطة يفضل ممارسته له. أنه يعرف "العقل" بأنه "قوة الإدراك الحسي ولكنه يستخدم الإدراك الحسي ليشمل: (١) إدراك الأفكار في عقولنا. (٢) وإدراك معاني الألفاظ، (٣) وإدراك التوافق أو التنافر بين الأفكار (١٣٣). ولكن ما هي الفكرة؟ إن لوك يستخدم هذا الاصطلاح ليعني: (١) تأثير الأشياء الخارجية على حواسنا (وهو ما يجب أن نسميه الإحساس)، أو (٢) الوعي الداخلي بهذا التأثير (وهو ما يجب أن نسميه الإدراك الحسي)، أو (٣) صورة الفكرة أو الذكرى المتصلة بها (وهو ما يجب أن نسميه الفكرة)، أو (٤) "الحركة التي تجمع صوراً منفردة كثيرة لتكون مفهوماً عاماً أو مجرداً أو شاملاً لمجموعة من الأشياء المتشابهة. إن لوك لا يوضح دائماً في أي معنى يستخدم اصطلاحه المزعج (١) ".

لكن لوك يبدأ بنبذ "المبادئ الفطرية". أن هناك رأياً ثابتاً لدى الناس بأن هناك في العقل بعض "مبادئ فطرية معينة، أو بعض مفاهيم غامضة أولية مطبوعة في ذهن الإنسان تتلقاها النفس منذ بداية نشأتها، وتأتي بها معها إلى الدنيا". ويأخذ في إيضاح "بطلان هذه الفرضية (١٣٥) ". أنه لا ينكر "النزعات" الفطيرة٠التي سميت فيما بعد الانتحاء (النزعة إلى الحركة استجابة لمنبه ما) أو الأفعال المنعكسة اللاإرادية أو الغرائز، ولكن هذه في رأيه عادات سيكولولجية، وليس أفكاراً. وحذا حذو هوبز فوصف مثل هذه العمليات بأنها "سلاسل من الحركات في روح الحيوانات، إذا انطلقت استمرت في الخطوات التي اعتادت عليها، والتي تصبح بعد كثرة ارتيادها طريقاً ممهداً، كما تصبح الحركة فيه سهلة، وكأنها طبيعية" أو فطرية (١٣٦).


(١) إن لوك- في دراسته لذاتية الأفكار العامة أو المندرجة في طائفة واحدة- يوضح أن اصطلاح "النوع" كما هو مطبق على الكائنات. هو تركيب عقلي، وملاءمة عقلية، وأن العالم الموضوعي لا يحتوي على أنواع مستقلة، بل مجرد أفراد مستقلين، تنحدر كلها "في خطوات يسيرة، وفي سلسلة مستمرة من الأشياء التي يختلف الواحد منها عن سائرها قليلاً في كل انتقال. حتى نأتي إلى أحقر جزيئات المادة وأقلها حيوية .... والحدود أو الفوارق بين الأنواع، والتي يصنفها الإنسان بمقتضاها، إنما هي من صنع الإنسان (١٣٤) ".