للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالفن والصناعة، .. كذلك لا بد من الاعتراف بأننا أينما خرجنا على هذه المساواة سلبنا من الفقراء رضي أكثر مما نضيف إلى الأغنياء، وبأن الإشباع الطفيف لغرور طائش في فرد واحد، كثيراً ما كلف أكثر مما يكلفه الخبز لكثير من الأسر بل الأقاليم".

ولكنه أحس أن الطبيعة البشرية تجعل حلم المدينة الفاضلة التي تسودها المساواة ضرباً من المحال:

"إن المؤرخين ينبئوننا، لا بل الفطرة السلمية تنبئنا، بأن هذه الأفكار عن المساواة "التامة" مهما بدت قيمة إلا أنها في صميمها "غير ممكنة عملياً"، وألا لألحقت أشد الأذى بالمجتمع الإنساني. فلو أنك سوبت تسوية كاملة بين الملكيات، لحطمت درجات الناس ومراتبهم المختلفة من حيث الصنعة والعناية والجد تلك المساواة فوراً. أو لو فرضت الرقابة على هذه الفضائل … لأحتجت إلى أكثر محاكم التفتيش صرامة لمراقبة أي ضرب من عدم مساواة بمجرد ظهوره، وأشد السلطات القضائية صرامة لعقابه وإصلاحه .. .. فمثل هذا السلطان المفرط لا بد أن ينحدر سريعاً إلى درك الطغيان (١٢٧) ".

ونالت الديمقراطية من هيوم، كما نالت الشيوعية، رفضه المتعاطف. فالمبدأ في رأيه "مبدأ … نبيل في ذاته … ولكن تكذبه كل التجارب، أن الناس هم الأصل في كل ضروب الحكم العادل (١٢٨) ". ورفض النظرية (التي سيحييها روسو بعد قليل) القائلة بأن الحكومة نشأت أصلاً من "تعاقد اجتماعي" بين الناس، أو بين الشعب والحاكم، لأنها نظرية صبيانية:

"فكل الحكومات الموجودة الآن تقريباً، أو التي خلفت لنا أي سجل في التاريخ، أسست أصلاً إما على الاغتصاب، أو على الغزو، أو عليهما جميعاً، دون أن تزعم بأنها حظيت بموافقة الشعب، أو