للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد إلى أدنبرة في ٤ يوليو واستعد للموت "بالسرعة التي يشتهيها أعدائي إن كان لي أعداء، واليسر والبشاشة اللذين يتمناهما لي أصدقائي (١٥٩) " فلما قرأ في كتاب لوكان "حوارات الموتى" مختلف الأعذار التي تذرعيها المحتضرون لشارون حتى لا يستقلوا تجاربه من فورهم ليعبر بهم نهر الجحيم إلى الأبدية، لاحظ أنه لا يستطيع أن يجد عذراً مناسب حالته إلا بأنه قد يكون متوسلاً "قليلاً من الصبر أي شارون الطيب. لقد كنت أحاول فتح عيون الجماهير. فلو عشت بضع سنين أخر لطبت نفساً بأن أرى سقوط بعض مذاهب الخرافة السائدة". ولكن شارون أجاب "أيها الوغد المتلكئ، لن يحدث هذا ولو بعد مئات السنين. أتتوهم أنني مانحك فسحة طوال هذه السنين؟ فادخل الزورق إذن من فورك".

أما بوزويل، الملحاح الوقح، فقد أصر على توجيه هذا السؤال إلى الرجل المحتضر- أيؤمن الآن بحياة آخرة؟ وأجاب هيوم "إنه لوهم غير معقول للغاية أن نعيش إلى الأبد". وثابر بوزويل على إلحاحه قائلاً "ولكن من المؤكد أن فكرة الحياة المستقبلة تسر النفس؟ " وأجاب هيوم "أبداً، إنها فكرة كئيبة جداً". وأقلبت النساء ورجونه أن يؤمن، فصرفهن عن الموضوع بمزاحه (١٦١).

ومات في هدوء، "بغير ألم كثير" (كما قال طبيبه) في ٢٧ أغسطس ١٧٧٦. ومشي ف جنازته جمع غفير برغم هطول المطر الغزير. وسمع صوت يقول "كان كافراً"، وأجاب صوت آخر "لا يهم، فلقد كان رجلاً أميناً (١٦٢) ".