للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كابدها في عمله قاضياً. وكانت تجربته تواجهه كل يوم بما في لندن من عنف وإجرام. فاقترح وسائل لتشديد حراسة الأمن العام وتصريف القضاء. ويفضل جهوده، وجهود السر جون فيلدنج، وأخيه لأبيه، الذي خلفه قاضياً في شارع بو، قضي على عصابة بثت الرعب في لندن، وشنق كل أفرادها تقريباً. وذكر متفائل في ١٧٥٧ أن "الشر المسيطر، شر سرقات الشوارع، قد قمع كلية تقريباً (٩٦) ".

في هذه الأثناء كان هنري قد نشر آخر رواياته "أميليا" (ديسمبر ١٧٥١). أنه لم يستطع نسيان زوجته الأولى، ولقد نسي أن عيوب ربما شابتها، فأقام الآن لذكراها أثراً صورها فيه الزوجة الكاملة لجندي مبذر قصير النظر. فالكابتن بوث رجل لطيف شجاع كريم، وهو يعبد زوجته أميليا، ولكنه يقامر حتى يتردى في الدين، ويبدأ الكتاب بالكابتن في السجن. وهو يستغرق مائة صفحة يقص فيها قصته على نزيلة أخرى هي الآنسة ماثيوز؛ يفصل لها جمال زوجته وتواضعها ووفاءها وحنانها وغير ذلك من صفاتها المثالية، ثم يقبل دعوة الآنسة ماثيوز له أن يشاركها فراشها، وينفق "أسبوعاً كاملاً في هذا الحديث المجرم (٩٧) ". وفي مشاهد السجن هذه وغيرها من المشاهد اللاحقة، يفضح فيلدنج، ربما في شيء من المغالاة، نفاق الرجال والنساء وفساد الشرطة والقضاء ووحشية المساجين. ويجد القارئ هنا وصف سجون المدينين التي ستعمر قرناً آخر لتثير سخط دكنز. ويستطيع القاضي ثراشر أن يعرف جريمة سجين من لهجته الإيرلندية، "يا غلام، لسانك يشي بذنبك. فأنت إيرلندي، وهذا دائماً دليل كاف في نظري (٩٨) ". ويتصاعد عدد الأوعاد مع كل فصل، حتى تصرخ أميليا لأبنائها الذين عضهم الفقر قائلة "سامحوني لأنني أتيت بكم إلى هذه الدنيا (٩٩) ".

وأميليا، مثل جريزلدا، هي المثل الأعلى للمرأة الصبور كما تخيله فيلدنج. يكسر أنفها في أحد الفصول الأولى، ولكن جراحة الأنف تصلحه، وتعود جميلة جمالاً يغري بمحاولة العدوان على عرضها مرة في كل فصلين تقريباً. وهي تسلم بقصورها الفكري عن زوجها وتطيعه في كل شيء، إلا أنها ترفض الذهاب إلى حفلة تنكرية؛ وتحضر