للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخامس عشر وانهيار الإيمان الديني، المناقشات الشفوية والخطية في المسائل السياسية والفلسفية. وإذ كرهت الأرستقراطية تلك الملكية التي حدث من سلطتها، كما كرهت الكنيسة التي كانت تساند الملكية، فإنها استمعت بآذان صاغية ذات مصلحة إلى نقد الحكومة والعقيدة كلتيهما، وانضمت الطبقة المتوسطة العليا إلى الأرستقراطية في إصغائها لهذا النقد، أملاً في تغيير يحقق لها المساواة الاجتماعية مع طبقة النبلاء.

وفي هذا الجو الجديد حقق المؤلفون والكتاب مكانة قلما تيسرت لهم قبل القرن الثامن عشر أو بعده. وقوبلوا بالترحيب في الصالونات حيث تحدثوا وأيدوا آراءهم بكل ما أوتوا من فصاحة وبيان. واستقبلوا في قصور ذوي الألقاب ما داموا لم يجرحوا كبرياءهم أو يسيئوا إليهم. وكان أصحاب المال يستضيفونهم ويكرمون وفادتهم، وفي بعض الأحيان يسكنونهم في قصورهم، مثل ما فعل بوبيلنيير، وأصبحوا برغم فقرهم قوة في الدولة. قال ديكلوس في ١٧٥١ "إن إمبراطورية رجال الفكر، من بين كل الإمبراطوريات، أوسعها امتداداً، دون أن تكون مرئية. إن أصحاب السلطة يأمرون، ولكن رجال الفكر يحكمون. وعلى المدى البعيد … إن عاجلاً أو آجلاً، سيتغلب الرأي العام أي شكل من أشكال الاستبداد والحكم المطلق أو يغلبه" (١) (وفي ١٧٥١ لم يكن قد تم التوصل بعد إلى الأسلوب الذي يتحقق به تشكيل الرأي العام تشكيلاً محكماً بالمال أو عن طريق الحكومة).

وإذا رحب جمهور متزايد بالكتاب الفرنسيين، وحفزهم مئات المتنافسين اليقظين، وحررهم ضعف العقيدة، واستحثهم زهو الطباعة وخيلاؤهم، فإنهم دفعوا إلى المطبعة بسيل من الرسائل والنشرات والأبحاث والنقد اللاذع والمقالات والمذكرات، والتاريخ والقصص والمسرحيات والقصائد والأبحاث الدينية والفلسفية، والكتابات الإباحية الداعرة والأدب المكشوف، مما حطم كل أغلال الرقابة وقيودها، واكتسح كل مقاومة، وغير عقل فرنسا وعقيدتها