للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البكر إلا بالغضب والعنف. وكان ديدنه استعمال العصا مع خدمه، فهدد باستعمالها لتأديب ولده. وكانت فلهلمينا خلال ذلك تقاوم خططه لتزويجها لحليف سياسي قوي؛ وبدا أن الولد والبنت أرسلهما القدر ليخيبا كل أماله. "لقد بلغت ثورة أبي على أخي وعليّ مبلغاً جعله يقصينا عن حضرته فيما عدا ساعات الطعام. وحدث ذات مرة أن الملك قذف رأس أخي بطبقه، وكان يمكن أن يصيبه لولا أنه حاد عنه، وفي مرة أخرى قذف الطبق علي وقد نجوت منه أنا أيضاً لحسن حظي، ثم انهال على بوابل من السب والشتم … وإذ مررت أنا وأخي على مقربة لتبرح الحجرة دفع نحونا عكازه ليضربنا. ولم يكن يرى أخي قط دون أن يهدده بعصاه. وكثيراً ما قال لي فرتز إنه قد يحتمل كل معاملة سيئة إلا أن يضرب، فإذا بلغ الأمر حد الضرب فإنه سيهرب (٣٣).

وفي وسعنا أن نفهم بعض أسباب الغضب الذي استشعره الملك المسن. ذلك أنه كان قد تطلع إلى ترك ملكه هذا الذي أعاد تنظيمه لولد يواصل رعايته للجيش، ويقتصد في النفقات، ويبني الصناعات، ويصرف شئون الدولة بأمانة واجتهاد، ولم يكن ممكناً أن نتوقع منه التنبؤ بأن ابنه هذا سيفعل هذا كله وأكثر منه. فهو لم يجد في "فريدرش" غير فتى وقح مخنث، يجعد شعره كالفرنسيين بدلا من أن يقصه كالجنود البروسيين (٣٤)، ويمقت الجنود والصيد، ويهزأ بالدين، وينظم الشعر الفرنسي، ويعزف على الفلوت. فأي مستقبل يمكن أن يكون لبروسيا إذا حكمها هذا الفتى الضعيف؟ وحتى التماساته للعفو بين الحين والحين يمكن أن يفسرها أبوه بأنها جبن منه. وذات مرة قال الملك لمن حوله بعد أن لكم أذني ولده إنه لو لقي هذه المعاملة من أبيه لضرب نفسه بالرصاص؛ ولكن فريدرش لا يملك الإحساس بالشرف وإنه على استعداد لاحتمال أي شئ (٣٥).

وحاول الملك -إذا صدقنا الخبر الذي أنهاه فردريك إلى فلهلمينا- أن يقتله في بوتسدام في ربيع ١٧٣٠. قال:

أرسل في طلبي ذات صباح. فما إن دخلت الحجرة حتى أمسك بناصيتي وطرحني أرضاً. وبعد أن ضربني بقبضته جرني إلى النافذة وربط حبل