للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وواصل التدريس حتى بلغ التسعين. وفي ١٧٦٤، حين كان في الثانية والثمانين، روى أنه "ينعم بعافية ابن الخمسين، ولا يزال يعمل دون استعانة بنظارات. " (٣) وقد لقبه طلابه في فخر برئيس المشرحين في أوربا كلها. وفي ١٩٣١ أقامت له بلدته "فورلى" نصبا تذكاريا في الميدان الذي يحمل اسمه.

وأصبح تلميذه أنطونيو سكاربا أستاذا للتشريح في مودينا وهو بعد في العشرين. فلما رقي لكرسي التشريح في بافيا حين بلغ السادسة والثلاثين (١٧٨٣) شارك سباللانتسانى وفولتا في دفع تلك الجامعة إلى مكانة مرموقة بين جامعات أوربا. واكسبه الشهرة الدولية دراساته التشريحية على الأذن والأنف، والأقدام، والأعصاب، وظل كتابه "ملاحظات على أمراض العيون الرئيسية" (١٨٠١) عشرات السنين الكتاب الجامعي العمدة في الرمد.

أما فيلكس فيك دازير، الذي كان يصغر سكاريا بسنة واحدة فقط، فقد درس التشريح المقارن للطيور، وذوات الأربع، والإنسان. وأظهرت نتائجه تشابها غريبا مفصلا في بنية الأطراف في البشر والحيوانات، وأسهمت في وضع الإنسان في مكانه البيولوجي. وقد مات في السادسة والأربعين (١٧٩٤) قبل أن يتم عملا أوصل تشريح الدماغ إلى ذروته في القرن الثامن عشر.

وفي بريطانيا العظمى أضفى الأخوان هنتر، والمولودان في إسكتلندة، مزيداً من البهاء على حركة التنوير الاسكتلندية بعملهما في التشريح والجراحة. فأحدثت محاضرات وليم ثورة في تدريس التشريح في لندن، حيث تعطلت هذه الدراسة طويلاً من جراء القيد المفروض على توافر الجثث. وقد ذاع صيته لكشفه الخطير (١٧٥٨) للوظيفة الماصة للأوعية اللمفاوية، ولتأليفه كتابا من عيون يسمى "تشريح الرحم الحامل" (١٧٧٤، ولطبعه الناري، الذي علله بأنه، وهو المشرح، قد ألف "خضوع الجثث له خضوعا سلبيا" (٤) ومات في ١٧٨٣ وقد بلغ الخامسة والستين إثر إعياء أصابه في إحدى محاضراته. وقد أوصى بمجموعته التشريحية الكبرى لجلاسجوا، حيث ما زال محتفظا بها في متحف هنتر.