للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يقع مدخل الدار الرئيسي عند طرفه ذي السقف الهرمي، بل يقع عند واجهته الجنوبية. ويقوم في داخل هذا الباب الكبير عادة ستار أو جدار يحجب نظر الزائر عن رؤية من في داخل الدار، ويقف في طريق الأرواح الخبيثة التي لا تسير إلا في خطوط مستقيمة، وردهة الدار وحجراتها معتمة لأن ضوء النهار تحجبه النوافذ المتشابكة والطنف البارزة. وبهو المنزل وحجراته مظلمة لأن النوافذ المشبكة والطنف البارزة تحجب عنها ضوء النهار. وقلما تجد في المنزل وسائل لتهوية الغرف، وليس فيه من وسائل التدفئة إلا المجامر المتنقلة، أو طبقات من الآجر تبنى فوق نار مدخنة. وليس لهذه المدافئ مداخن أو فتحات يخرج منها الدخان (٥٩). والأغنياء والفقراء على السواء يقاسون آلام البرد ويأوون إلى فراشهم مدثرين بالثياب الثقيلة (٦٠). وإذا التقى السائح بصيني سأله: "أأنت بردان؟ " فيجيبه هذا بقوله: "بطبيعة الحال" (٦١)، وقد تعلق في سقف الدار فوانيس من الورق زاهية الألوان، وتزين الجدران أحياناً بكتابات بخط جميل أو بنقوش من الحبر، أو بسجف من الحرير مطرزة تطريزاً جميلاً ومنقوش عليها مناظر ريفية. ويتخذ أثاث المنزل عادة من الخشب الثقيل المدهون باللون الأسود البرّاق والمنحوت نحتاً جميلاً. أما القطع ذات الألوان الفاتحة فتطلى باللك البراق. والصينيون هم الأمة الشرقية الوحيدة التي يجلس أبناؤها (١) على كراسي، وحتى هم يفضلون أن يجلسوا متكئين أو متربعين؛ وهم يضعون، على نضد خاص، الأواني التي تتخذ لتقديم القرابين لأسلافهم الأموات. وتقع في مؤخرة الدار حجرات النساء، وقد توجد في حجرات مستقلة أو في بناء منفصل عن سائر المنزل مكتبة أو مدرسة.

والأثر العام الذي تتركه العمائر الصينية في ذهن المشاهد الأجنبي غير الفني هو ما تتصف به من وهن سحري يأخذ بالألباب؛ واللون يطغى فيها على


(١) لعله يقصد بأبنائها جمهرة الشعب. (المترجم)