للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليب إيمانويل باخ: فإنه أرسى شكل الصوناتا باعتبارها عرضاً وتفصيلاً وتلخيصاً لموضوعات متعارضة وأعد لموتسارت الموسيقي الخفيفة المسلية المسماة "ديفرتمنتو" باعتبارها أقل شكلية من المتتالية وأنسب اللقاءات الاجتماعية. وأعطى الرباعية الوترية صورتها الكلاسيكية بإطالتها إلى أربع حركات، وبإعطاء الحركة الأولى "شكل الصوناتا". وهنا كان على خلفائه أن يستخدموا عدد ونوع الآلات التي استخدمها هايدن، وقد حقق في كثير من الحالات جمالاً مشرقاً رقيقاً يعود إليه بعضنا متخففاً من التعقيدات العسيرة التي نجدها في رباعيات بيتهوفن الأخيرة.

ولا تزال على قيد الحياة تسمع سمفونيات أو عشر من السمفونيات هايدن المائة والأربعة. ولم تكن الأسماء التي تحملها من اختياره ولكنها من وضع المعلقين أو الناشرين. وقد لاحظنا في مكان سابق تطور "السمفونية" (رأى الأصوات المجمعة) من المقدمة بفضل تجارب سامرتيني وشتامتز. وقد سبق كثيرون هايدن في صياغة بناء السمفونية "الكلاسيكية" فلما خرج من استرهاتسا إلى عالم أرحب لم يكن قد بلغ من الكبر حداً يعجزه عن أن يتعلم من موتسارت كيف يملأ البناء مغزى وعاطفة. وتحدد "سمفونية أكسفورد" مرحلة صعوده إلى مدى أبعد وقوة أعظم، وترينا "السمفونية اللندنية" هايدن في قمة آفاقه السمفونية. والسمفونية رقم ١٠١ (سمفونية الساعة) مبهجة، ورقم ١٠٤ لا يقل مستواها عن سمفونيات موتسارت.

ويمكن القول بوجه عام إننا نحس في موسيقاه طبيعة لطيفة سمحة ربما لم تشعر بأعماق الحزن أو الحب، طبيعة اضطرت إلى الإنتاج في عجلة لم تسمح بإنضاج الفكرة أو الموضوع أو الجملة. لقد كان هايدن أسعد من أن يبلغ العظمة العميقة، ولقد تكلم أكثر مما يتيح له التعبير عن الكثير. ومع ذلك فإن في هذه الأنغام اللعوب ذخيرة من البهجة الصافية الهادئة، فهنا كما قال "قد يستمتع المتعبون المكدودون، أو الرجل الذي أثقلته هموم الحياة، ببعض السلوى والانتعاش (٤٤) ".