للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه قط إلى المطبعة إلا في ١٨٨٧ حين وجدت في فايمار (١٢) نسخة خطية نسختها الآنسة فون جوشهاوزن. وراح ينفخ ويوسع فيها طوال خمسة عشر عاماً أخرى. وأخيراً نشرها (١٧٩٠) باسم "شذرة من فاوست" تبلغ الآن ثلاثاً وستين صفحة، (١٣) وكان هذا أول شكل مطبوع لأشهر مسرحية منذ هاملت.

على أن جوته ظل غير راض عنها، فأسقط الموضوع حتى ١٧٩٧. وفي ٢٢ يونيو كتب إلى شيلر يقول "اعتزمت أن أستأنف كتابة "فاوستي … مفككاً ما طبع منها، مرتباً إياه في كتل كبيرة … معداً تطور المسرحية إعداداً أو في ..... كل ما أريده أن تتفضل بتقليب الأمر في فكرك في ليلة من لياليك النابغة-وتخبرني بما تتطلبه المسرحية بوصفها كلاً، وتفسر لي أحلامي تفسير نبي صادق. ورد عليه شيلر في الغد. "إن ازدواج الطبيعة البشرية، ومحاولة الإنسان الفاشلة للجمع بين العنصر الإلهي والعنصر الجسدي، لا تغيب عن البصر أبداً … إن طبيعة الموضوع ستكرهك على تناوله فلسفياً، وعلى الخيال أن يكيف نفسه لخدمة فكرة عقلية. " أما خيال جوته فكان غاية في الخصوبة، وأما تجاربه الناصعة الذكرى فكثيرة جداً، لذلك أدخل الكثير منها في "شذرة من فاوست" فضاعف بذلك من حجمها. وفي ١٨٠٨ أذاع على العالم ما نسميه الآن الجزء الأول من فاوست.

وقبل أن ينطق دميته بكلمة، صدر الدراما بإهداء رقيق إلى أصدقائه الموتى، وبفصل تمهيدي هزلي "برولوج في المسرح" بين المدير والمؤلف والمضحك، و "برولوج في السماء" يراهن الله فيه مفستوفيليس على أن فاوست لا يمكن أن يظفر به الإثم بصفة دائمة. ثم يتكلم فاوست أخيراً في أبسط شعر هزلي:

"أجهدت نفسي في دراسة الفلسفة والشريعة والطب، وتعمقت أيضاً-ويا للحسرة في دراسة علوم الدين، بجد لا يعتوره فتور وهمة لا تعرف الكلال. ثم أراني-أنا البليد المسكين-بعد هذا كله لم أتقدم شبراً ولم أخط نحو العرفان خطوة.