للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الفلاسفة أنهم لعنة القرن ومصدر إزعاجه. كاتبة وحيدة فقط أعجب بها إعحاباً بغير تحفظ لسلوكها المهذب وفنها الذي لا تكلف فيه-وتلك هي مدام دسفينييه، وهي وحدها التي حاول محاكاتها؛ وإذا كانت رسائله لم تظفر بفتنتها ورشاقتها ومرحها، فإنها غدت أكثر كثيراً من رسائلها تاريخاً يومياً حياً للعصر الذي كتبت فيه؛ ومع أنه سماها حوليات مستشفى المجاذيب (٢٠)، فإنه كتبها بعناية، أملاً في أن يمنحه بعضها ركناً في ذاكرة الناس؛ ولا غرو، فحتى الفيلسوف الذي راض نفسه على الفناء يشق عليه الرضى بالنسيان.

وكان هوراشيو (وهو اسمه الذي عمد به في ١٧١٧) أصغر أبناء خمسة ولدوا للسر روبرت ولبول، رئيس الوزارة الشجاع الذي ضحى بسمعته لأنه آثر السلام على الحرب، ولكنه لم يكد يؤذيها بإيثاره الزنا على الاكتفاء بزوجة واحدة (٢١). ولعل المتقولين نسبوا هوراس حيناً لأب آخر انتقاماً لزوجته الأولى، وهو كار، لورد هرفي، أخو الرجل المخنث جون، لور هرفي الإكورثي-الذي اتهم السر روبرت بمحاولة إغواء الليدي هرفي (٢٢). وفي هذه المسائل من التعقيد ما لا يسمح بإصدار الحكم عليها في الحاضر، وحسبنا أن نقول أن هوراس نشئ دون أن يرميه أقاربه بنسب منحرف. وقد عامله رئيس الوزراء بما يعامل به الرجل المشغول ولده من عدم المبالاة، أما أمه فقد "دللته" (كما يروى) بـ "ولع شديد" (٢٣) وكان صبياً رائع الحسن، يلبس لباس الأمراء، ولكنه كان هشاً خجولاً، حساساً كأنه بنت. وحين ماتت أمه (١٧٣٧) خشي كثيرون أن يموت الفتى ذو العشرين ربيعاً حزناً عليها. وسرى عنه السر روبرت بوظائف حكومية شريفة تفي بنفقات ولده على الثياب الفاخرة، والعيش الأنيق، ومجموعة التحف الغالية وأضمر هوراس الخصومة لأبيه إلى آخر حياته، ولكنه كان يدافع عن سياسته دائماً.

وحين بلغ العاشرة أرسل إلى إيتن حيث تعلم اللاتينية والفرنسية وصادق الشاعر جراي. وفي السابعة عشرة التحق بكنجز كولدج بكمبردج، وهناك تعلم الإيطالية وتشرب الربوبية من كونيرز مدلتن. وفي الثانية والعشرين