للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكنيسة الأنجليكانية التسع والثلاثين. وكان جبون ذا نزعة قتالية، كثير السؤال لمعلميه. ولاح له أن الكتاب المقدس والتاريخ يبرران الكنيسة الكاثوليكية في دعواها بالأصل الإلهي. وحصل له أحد معارفه على بعض الكتب المقلقة، وأهمها كتاب بوسويه "عرض للعقيدة الكاثوليكية وتاريخ المذاهب البروتستانتية"، هذه "حققت هدايتي، ولا شك أنني وقعت في يد نبيلة" (٥٢). وباندفاع الشباب اعترف على كاهن كاثوليكي، وقبل عضواً في كنيسة روما (٨ يونيو ١٧٥٣).

وأحاط أباه علماً بالأمر، ولم يدهشه أنه دعا للعودة إلى وطنه، لأن أكسفورد لم تكن تقبل الكلاب الكاثوليك، وكان دخول بروتستانتي في المذهب الكاثوليكي الروماني- طبقاً لما يقول بلاكستون يعد "خيانة عظمى". وما أسرع ما نفى الأب المروع الفتى إلى لوزان، ورتب أن يقيم مع راع كلفني. هناك عاش إدوارد أولاً في حالة من العناد المتجهم. ولكن المسيو بافيار كان رجلاً عطوفاً وأن أعوزه التسامح الديني، فاستشعر الصبي المحبة له في بطئ. ثم أن الراعي كان دارساً كلاسيكياً قديراً. وتعلم جبون أن يقرأ الفرنسية ويكتبها بطلاقة الإنجليزية، واكتسب معرفة طيبة باللاتينية. ولم يلبث أن استقبلته الأسر المثقفة التي كانت طباعها وحديثها تعليماً يفضل ما لقنته أكسفورد من قبل.

فلما تحسنت فرنسيته أحس نسائم العقلانية الفرنسية تهب على لوزان. واختلف بابتهاج إلى التمثيليات التي قدمها فولتير في مونريون القريبة منه وهو بعد في العشرين (١٧٥٧). "وكنت أحياناً أتعشى مع الممثلين" (٥٣). والتقى بفولتير، وبدأ يقرأ فولتير، وقرأ كتاب فولتير الحديث "مقال في التاريخ العام" (مقال في الأعراف). وأكب على كتاب مونسكيو "روح القوانين" (١٧٤٨) وأصبح كتاب "تأملات في أسباب عظمة الرومان وتدهورهم" (١٧٣٤) نقطة الانطلاق لكتاب جبون "اضمحلال الدولة الرومانية وسقوطها". أياً كان الأمر، فإن تأثير الفلاسفة الفرنسيين، فضلاً عن قراءته لهيوم والربوبيين الإنجليز، قوضا مسيحية جبون وكاثوليكيته