للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشهورة بكثرة ما فيها من الحديد والفحم ويرجى منها أن تكون في المستقبل أعظم الأسواق العالمية. وهي إلى ذلك أقرب الأسواق إلى اليابان. وهل في العالم أمة يبدو لها أن في مقدورها أن تختار بين العودة إلى الزراعة والفاقة والمذلة، وبين التقدم في الصناعة والفتح والاستعمار ثم تستطيع أن تقاوم الميل الشديد إلى اختطاف جزء من الصين الضعيفة المقطعة الأوصال في الوقت الذي كانت فيه النسور الأوربية يقطع بعضها أشلاء بعض في ميدان فرنسا (١).

من أجل هذا أعلنت اليابان الحرب على ألمانيا في بداية الحرب الأولى، وانقضت على إقليم جياو جو وهو الإقليم الذي كانت ألمانيا قد استأجرته من الصين قبل ذلك الوقت بستة عشر عاماً، ثم قدمت إلى حكومة يوان شي كاي "واحد وعشرين مطلبا" لو أجابتها الصين لأصبحت مستعمرة سياسية واقتصادية لليابان، ولولا احتجاج الولايات المتحدة ومقاطعة الصينيين بزعامة طلابها الغضاب للبضائع اليابانية لنفذت هذه المطالب قوة واقتداراً. ذلك أن الطلاب انطلقوا في شوارع المدن الصينية يبكون أو يقتلون أنفسهم لأنهم يستحون أن يرى الناس وجوههم بعد هذا الإذلال الذي حاق ببلادهم (١٧).

وكان اليابانيون يستمعون وهم ساخرون إلى غضب أوربا واحتجاجها وهي التي ظلت تنخر في عظام الصين خمسين سنة أو تزيد. وارتدت اليابان دون أن تصل إلى أهدافها ولكنها ظلت تتحين فرصة أخرى تحقق فيها أطماعها. ولاحت لها هذه الفرصة حين كانت أوربا وأمريكا تترديان في عواقب خططهما الصناعية الاستعمارية التي كانت تعتمد على الأسواق الأجنبية لاستيعاب "الفائض" من محصولاتها التي لا يستطيع منتجوها أن يبتاعوها. وزحفت اليابان على منشوريا وأقامت بو يي إمبراطور الصين السابق رئيساً لجمهورية منشوكو التي أنشأتها في ربوعها ثم نصبته بعدئذ إمبراطوراً عليها. ثم عقدت مع الدولة الجديدة حلفاً


(١) يشير المؤلف بهذا القول إلى الحرب العالمية الأولى. (المترجم)