للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى باريس فانهالت عليه أسباب التكريم، شعر روسو بالغيرة منه ولكنه تكلم بخير عن عدوه القديم. ووبخ أحد معارفه الذي سخر من تتويج فولتير في التياتر- فرانسيه فقال: "كيف تجرؤ على السخرية من التكريم الذي بذل لفولتير في الهيكل الذي هو ربه، وبيد الكهان الذين ظلوا خمسين سنة يعيشون على روائعه؟ " (٧٤). ولما سمع بأن فولتير يحتضر قال متنبئاً "كانت حياتانا مرتبطتين الواحدة بالأخرى، ولن يطول عمري بعده" (٧٥).

وحين بدأ ربيع ١٧٧٨ يزهر طلب بيتاً في الريف، فدعاه المركيز رينيه دجيراردان ليسكن كوخاً على مقربة من قصره الريفي في ارمينونفيل، على نحو ثلاثين ميلاً من باريس. وذهب إليه جان- جاك وتريز في ٢٠ مايو، وهناك راح يجمع العينات النباتية ويعلم النبات لابن المركيز البالغ من العمر عشر سنين. وفي أول يوليو تعشى بشهية مع أسرة مضيفة. وفي صباح الغد أصيب بالنقطة ووقع على الأرض. فرفعته تريز إلى فراشه، ولكنه وقع منه، واصطدم بالأرض المبلطة صدمة حادة أحدثت قطعاً في رأسه تدفق منه الدم، وصرخت تريز مستغيثة، فحضر المركيز، ووجد أن روسو قد فاضت روحه.

ولاحقته الافتراءات إلى النهاية. فأذاع جريم وغيره القصة التي زعمت أن روسو انتحر. وأضافت مدام دستال فيما بعد أنه قتل نفسه حزناً حين اكتشف خيانة تريز. وفاقت هذه القصة غيرها قسوة، لأن تعقيب تريز عقب موته بقليل كشف عن حبها له. قالت "إن لم يكن زوجي قديساً فمن يستطيع أن يكون؟ " ووصف غير ذلك من الشائعات روسو بأنه مات مجنوناً، ولكن كل الذين كانوا معه في أيامه الأخيرة تلك وصفوه بالهدوء والصفاء.

وفي ٤ يوليو ١٧٧٨ ووري الثرى في جزيرة الحور في بركة صغيرة على ضيعة جيراردان. وظلت جزيرة الحور هذه طويلاً كعبة يحج إليها الأتقياء، فأمها المجتمع العصري كله- حتى الملكة- للصلاة على قبر روسو. وفي ١١ أكتوبر ١٧٩٤ نقل رفاته إلى البانتيون حيث ثوى إلى جوار رفات فولتير.