للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببلاغته مرافعته التي استغرقت خمس ساعات دفاعاً عن قضية يستحيل الدفاع عنها. وتبرأ منه أبوه، فقاضاه، وحصل منه على راتب قدره ثلاثة آلاف فرنك في السنة، وراح يقترض المال ويحيا حياة مترفة. وفي ١٧٨٤ اتخذ خليلة جديدة تدعى هنرييت نيرا. واصطحبها في رحلة إلى إنجلترا وألمانيا (١٧٨٥ - ٨٧). وفي الطريق كانت له مغامرات غرامية عارضة، غفرتها له هنرييت لأنه-كما قالت-" ما أن تتودد إليه امرأة أقل تودد حتى يلتهب لفوره" (٤٥). والتقى بفردريك مرتين، وعرف عن بروسيا ما يكفي لتأليف كتابه "في الملكية البروسية" (١٧٨٨) (من مادة زوده بها ضابط بروسي)، وقد أهدى الكتاب لأبيه، الذي وصفه بأنه "مصنف ضخم لعامل هائج. "وكلفه كالون برسائل سرية عن الشئون الألمانية، فأرسل منها سبعين أدهشت الوزير بإدراكها المرهف وأسلوبها القوي.

فما عاد إلى باريس رأى أن سخط الشعب قارب الحماسة الثورة. وفي رسالة إلى الوزير مونوران حذر من نشوب الثورة ما لم يجتمع مجلس طبقات الأمة قبيل عام ١٧٨٦ "أني أسأل هل حسبتم حساب قوة الجوع المزلزلة إذا تفاعلت مع روح اليأس. أنني أسأل من سيجرؤ على أن يكون مسئولاً عن سلامة جميع من يلتفون حول العرش، أجل، بل سلامة الملك نفسه؟ (٤٦). وقد طواه خضم هذا الهياج فاندفع فيه ووفق في مصالحة هشة مع أبيه (الذي مات في ١٧٨٩). ثم رشح نفسه في اكس-أن-بروفانس لمجلس طبقات الأمة ودعا نبلاء القسم لاختياره، فرفضوا، فاتجه إلى الطبقة الثالثة، التي رحبت به. وانبعث الآن من شرنقتين المحافظة واتخذ له أجنحة بوصفه ديموقراطياً "أن حق السيادة كامن في الشعب وحده، والملك لا يمكن أن يكون أكثر من القاضي الأول للشعب" (٤٧). وقد أراد الاحتفاظ بالملكية، إنما حماية للشعب من الأرستقراطية، ثم دعا بإلحاح أثناء ذلك إلى إعطاء حق التصويت لجميع الذكور البالغين (٤٨). وفي خطاب موجه لمجلس طبقات إقليم بروفانس هدد الطبقات المميزة بإضراب كل شيء، وهذا الشعب الذي لا يحتاج إلا لفرض الجمود عليه حتى يصبح رهيباً جباراً" (٤٩).