للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القنص في يينا ومشاهدة مسرحية "موت قيصر" - " la Mort de Cesar" في مسرح فيمار، حضر الداعون والمدعوون حفلاً راقصاً فأنستهم النسوة الجميلات المتألقات ذِكْر أشعار فولتير. وعلى أية حال فقد انسحب نابليون إلى أحد الأركان وطلب جوته وفيلاند، فحضرا ومعهما ثلّة من رجال الأدب، فتحدث نابليون موجها حديثه على نحو خاص إلى فيلاند، وكان موضوع حديثه يدور حول المجالين الأثيرين عنده: التاريخ وتاسيتوس:

"لابد من اعتبار المسرح التراجيدي الجيد مجالا لا يجدر إلا بالرجال المتفوقين. إنه فوق التاريخ إذا نظرنا إليه من وجهة نظر معينة. ففي أفضل وقائع التاريخ لا يمكن أن يُحدث إلا أثراً قليلا، فالإنسان إذا كان وحيداً لا يتأثر إلا قليلا، ويختلف الحال إن كان في جَمْع، فهنا يكون التأثير أقوى وأكثر ديمومة.

إنني أؤكد لك أن المؤرخ تاسيتوس الذي تستشهد دائما بفقرات من كتاباته لم يعلّمني أي شيء أيمكنك أن تجد كاتبا ينتقص من قدر الجنس البشري مثله؟ بالإضافة إلى أن أحكامه في بعض الأحيان غير عادلة فهو يجد في كل فعل - ولو كان بسيطاً - دافعاً إجرامياً. لقد أظهر الأباطرة كأجلاف أنذال، وعمّق هذه المعاني في نفس قارئه .. إن حولياته ليست تاريخاً للإمبراطورية وإنما ملخصاً لسجلات سجن روما، إن هذه الحوليات تتعامل دائماً مع تُهم وإدانات، ومع أناس يقطعون أوردتهم في الحمامات .. يا له من أسلوب ملتوِ! يا له من غموض! .. ألستُ على حق أيها السيد فيلاند؟ لكن … إننا لسنا هنا لنتحدث عن تاسيتوس. انظر، إلى أي حد يُتقن القيصر إسكندر فن الرقص .. "

ولم يقتنع فيلاند فقد دافع عن تاسيتوس بشجاعة وتعاطف، فقد أشار إلى أن سوتونيوس Suetonius وديوكاسيوس Dio Cassius قد رويا من الجرائم أكثر بكثير مما روى تاسيتوس لكن أسلوبهما تعوزه الحيوية، أما تاسيتوس فما أشد تأثير أسلوبه وفي غمزه جسورة قال لنابليون:

"إنه بلمسة عبقريته، يمكن للمرء أن يعتقد أنه لا مجال لأن يحب سوى الجمهورية .. لكنه عندما يتحدث عمن يحبهم من الأباطرة، والحرية والإمبراطورية، فإن المرء يشعر أن فن الحكم يبدو له أجمل اكتشاف على ظهر البسيطة … يا سيدي إن