للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا يلبسون أثواباً بعضها فوق بعض يتراوح عددها من ثوبين إلى عشرين. وتختلف ألوان تلك الثياب باختلاف مكانة الملابس، وكانت تبدو أطرافها عند الكم متعددة الألوان كأنها الطيف في تداخل ألوانه؛ وجاء عهد كانت أكمام السيدة تتدلى إلى ما دون ركبتيها، وفي طرفها جرس يُتَنْتِن وهي تسير؛ وإذا كانت الطرقات مبتلة بالمطر أو بالثلج، كن يمشين على قباقيب من الخشب محمولة على كعوب خشبية يرتفع حول بوصة عن الأرض؛ وفي عصر "توكوجاورا" بلغ الإسراف في الثياب حداً جعل "السيافين" لا يعبئون بتقاليد الناس، ويحاولون الحد من هذا الإسراف بقوانين صارمة، فحرمت السراويل المبطنة بالحرير والموشاة كما حرقت الجوارب التي كانت تزخرف على ذلك النحو؛ وحرمت اللحى، وصنوف معينة من تصفيف الشعر؛ جاءت أيام كان رجال الشرطة فيها يؤمرون بالقبض على كل من يرونه في الطريق مرتدياً ثوباً فاخراً؛ وكان الناس يطيعون هذه القوانين أحياناً، لكنهم في معظم الأحيان كانوا يحتالون على التخلص منها بما عرف عن الإنسان من حماقة فطرية (٥٠).

لكن هذا الشغف الشديد بتعدد الأردية قد خفت حدته على مر الزمن؛ وأصبح اليابانيون من أكثر شعوب الأرض بساطة واحتشاماً وحسن ذوق.

ولم يكن اليابانيون ليأخذوا عن سواهم من الشعوب شيئاً فيما يخص عادات النظافة؛ فالثياب تغير ثلاث مرات في اليوم الواحد عند من يستطيع إلى ذلك سبيلا؛ والناس جميعاً فقيرهم وغنيهم يستحمون كل يوم (١)

وأما في القرى، فكان الناس يستحمون في طسوت خارج منازلهم في


(١) كان في طوكيو سنة ١٩٠٥ ألف ومائة حمام شعبي، يستحم فيها كل يوم نصف مليون رجل، لقاء أجر قيمته سنت وربع سنت.