للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما وُضعت أوامره موضع التنفيذ. يقول مينيفال لقد شهدت فيينا وبرلين ومدريد وغيرها من المدن حالات إدانة جنود وإعدامهم بمن فيهم جنود تابعون للحرس الإمبراطوري لارتكابهم أعمال سلب ونهب.

وقد عبّر نابليون عن جانب من إستراتيجية في صيغة رياضية كالتالي: "قوة الجيش كالقوة الدافعة في الآلة تُقَدَّر بمدى السرعة التي تم تحقيقها في إجمالي مدة زمنية محدّدة". فالسرعة في المسير (الزحف أو الحركة) تزيد من الروح المعنوية للجيش، وتزيد من قوته لتحقيق النصر وليس هناك مصدر موثق لتأكيد قول من ينسب إليه قوله: "إن الجيوش تزحف على أمعائها" والمقصود إمداداتها من الطعام. بل إن رأيه أقرب ما يكون إلى القول بأنها تزحف على أقدامها فقد كان شعاره القوة، النشاط، السرعة وعلى هذا فهو لم يكن يعوّل على التحصينات كوسائل للدفاع فقد كان سيضحك ساخراً من خط ماجينو Maginot الذي أقيم سنة ١٩٣٩، فقد قال في سنة ١٧٩٣ (أي قبل إنشاء خط ماجينو الدفاعي بحوالي قرن ونصف): "إنه لمن البديهي أن الجانب الذي سيبقى خلف خط محصّن سيظل دائماً مهزوماً"، وكرر قوله هذا في سنة ١٨١٦.

لقد كانت عناصر إستراتيجية نابليون تقوم على: ترقُّب قيام العدو بتقسيم قواته أو نشرها، واستخدام الجبال والأنهار كساتر لحماية تحركات قواته (أي قوات نابليون)، والاستيلاء على المرتفعات الإستراتيجية التي تستطيع منها المدافع أن تدك ساحة المعركة، واختيار ساحة معركة تُتيح المناورة للمشاة وقوات المدفعية والفرسان، والتركيز على جانب من القوات - عادة ما يكون ذلك بالحث على سرعة الحركة - لمواجهة الكتلة الأكثر عدداً من قوات العدو التي بعدت عن القلب بُعداً يجعل من الصعب قدوم قوات أخرى لدعمها في الوقت المناسب.

والمَحَك الأخير للجنرال (نابليون) هو تكتيكاته - تنظيم قواته والمناورة بها من أجل المعركة وأثناءها. وكان نابليون يتخذ لنفسه موقعاً يستطيع منه أن يُشرف منه على أكبر مساحة من ساحة العمليات بحيث يكون آمناً له بقدر المستطاع. وطالما كانت خطة العمليات قد بدأت في الدخول إلى حيز التنفيذ - بما يتطلبه ذلك من تغيير سريع في مسار وقائعها - فإن هذا يستلزم تركيزاً ومتابعة شديدين منه، وفي هذه الحال يكون لسلامته