للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضائل المسيحية والحب الرومانسي بشكل بسيط تغمره الطمأنينة دون لهجة خطابية أو وعظية. وجعله هذا الكتاب - فجأة - حديث المتعلمين في فرنسا ومحبوب النساء وابن الكنيسة الحبيب - تلك الكنيسة التي جرى إحياؤها من جديد.

لقد أطلق على كتابه (قصته) هذا اسم "اتالا " Atala أو حب اثنين من البدائيين في الصحراء. والمشهد الافتتاحي في لويزيانا Louisiana التي يقطنها الهنود الحمر (الأمريكيين) من جماعة ناتشز Natchez Indians والراوي هو شيخ الجماعة أو القبيلة وهو أعمى واسمه شاكتاس Chactas. إنه يقص علينا كيف أسَرَتهُ في شبابه قبيلة معادية وحكمت عليه بالموت حرقا لكن أنقذته أتالا وهي عذراء هندية (من الهنود الحمر) وهربت معه عبر المستنقعات والغابات والجبال والمجاري المائية وأحب كل منهما الآخر لاقترابهما واشتراكهما في مواجهة الأخطار، وطلب منها إكمال الحب بالتواصل الجنسي لكنها رفضت لأنها كانت قد تعهدت أمام أمها التي ماتت أن تظل عذراء طوال عمرها، والتقيا بمبشر مسيحي عجوز أيد تقواها لاعناً الحب كشكل من أشكال السُّكر والزواج كقدر أسوأ من الموت، وتمزقت اتالا بين الدين والجنس (كما في التاريخ) وخرجت من المأزق بتناول السم. وغدا شاكتاس وحيداً معزولاً لكن المبشّر شرح له الموت باعتباره خلاصاً مباركاً من هذه الحياة:

"رغم ازدحام رأسي بذكريات أيام كثيرة … فلم يحدث أبداً أن التقيت برجل لم يخدع في حلمه بالسعادة، فليس هناك قلب إلاّ وانطوى على جرح داخلي .. فالروح في صفائها الظاهري تشبه الآبار الطبيعية بين الحشائش الطوال (السفانا) في فلوريدا: إن سطحها يبدو هادئاً رائعاً، ولكن عند النظر إلى قيعانها .. تُدرك وجود التماسيح الكبيرة … "

لقد أصبح وصف شاتوبريان لجنازة أتالا حيث تعاون القس والوثني في مواراة جسدها الثرى، وصفاً مشهوراً في الأدب الرومانسي، كما ألهم الفنان جيرود - تريوزن Girodet-Trioson فرسم إحدى أعظم اللوحات في فترة حكم نابليون. إنها لوحة دفن أتالا التي بكى عند رؤيتها نصف سكان باريس في سنة ١٨٠٨، لكن التراث الكلاسيكي كان قوياً