للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جرب نظام التطعيم هذا على المجرمين ومن ثم على الأيتام وحقق نجاحا ملحوظا. وفي سنة ١٧٦٠ قرر الدكتور روبرت ستون Sutton والدكتور دانيال ستون أنه من بين ثلاثين ألف حالة طعمت ضد الجدري لم يصب بهذا المرض سوى ١٢٠٠ (حالة). أيمكن أن تكون هناك طريقة أفضل لمنع الجدري؟

لقد اهتدى جنر إلى طريقة أفضل عندما لاحظ أن كثيرات من العاملات في حلب ماشية اللبن في بلده جلوسسترشير Gloucestershire يصابون بجدري البقر من خلال ملامستهم لحلمات الأبقار المصابة وبالتالي يصبحن ذوات مناعة ضد مرض الجدري (الذي يصيب البشر)، وتراءى له أنه يمكن تكوين مناعة شبيهة باستخدام طعم (لقاح) (الكلمة الإنجليزية Vaccine من الكلمة اللاتيينة Vacca وتعني بقرة) من فيروس جدري البقر الذي يمكن الحصول عليه من الأبقار المصابة. وفي بحث نشر في سنة ١٧٩٨ ذكر جنر الإجراء المغاير لما هو متبع والذي وضع به أسس الطب التجريبي وعلم الطب الوقائي (علم المناعة):

.. لقد تخيرت صبيا صحيحا في نحو الثامنة من عمره بغرض تجريب تطعيمه بجدري البقر Cow Pox، وتم الحصول على القيح matter من قرحة من يد إحدى العاملات في حلب ألبان البقر وحقن الصبي بهذا القيح في ١٤ مايو سنة ١٧٩٦ في ذراعه … وفي اليوم السابع اشتكى متوعكا .. وفي اليوم التاسع أصبح يرتعد وفقد شهيته وأصيب بصداع خفيف … وفي اليوم التالي كان في حالة جيدة تماما …

وكي أتأكد مما إذا كان الصبي بعد تعريضه لإصابة خفيفة من فيروس جدري البقر، أصبح آمنا (اكتسب مناعة) ضد الجدري (الذي يصيب البشر)، فقد تم حقنه في أول يوليو التالي بقيح الجدري الذي يصيب البشر Variolous matter (الكلمة اللاتينية Variola تعنى الجدري Smallpox) تم أخذها مباشرة من بثرة مصاب بالجدري … فلم تظهر على الصبي أعراض الجدري وبعد عدة أشهر تم حقنه مرة أخرى بقيح الجدري الذي يصيب البشر لكن لم يظهر على بدنه أي عرض من أعراض الجدري.

واستمر جنر Jenner يصف حالات أخرى بلغت اثنتين وعشرين حالة اتخذ معها الإجراء نفسه فكانت النتائج مرضية تماما. وقد تعرض لاتهامات بإجراء التجارب على الأحياء وبدا للذين اتهموه وكأنه يقوم