للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليابان في نهاية المؤتمر على أن تعيد إلى الصين ذلك الجزء من شانتونج (تسنجتاو) الذي كانت أخذته من ألمانيا إبان الحرب؛ ثم مات الحلف الإنجليزي الياباني موتاً هادئاً، وراحت أمريكا تحلم في فراشها الدافئ بسلام لا تزعجه الحروب أبد الآبدين.

لكن السياسة الأمريكية اصطدمت بفشل من أبشع ما شهدته في تاريخها، بسبب تلك الثقة الصبيانية في مستقبل ناعم، ذلك أن الرئيس "تيودور روزفلت" لما رأى سكان الساحل الممتد على المحيط الهادي قد أزعجتهم هجرات اليابانيين المتواصلة إلى كاليفورنيا، أخذ في سنة ١٩٠٧ يفاوض الحكومة اليابانية مستعيناً بسلامة إدراكه التي كانت تكمن في ثنايا حياته الصاخبة التي قرَّبته إلى قلوب الشعب، واتفق معها "اتفاق السيد الكريم مع السيد الكريم" بحيث وعدت اليابان أن تمنع هجرة عمالها إلى الولايات المتحدة؛ لكن ارتفاع نسبة المواليد بين أولئك اليابانيين الذين كانوا قد سمح لهم فعلاً بالدخول، لم تزل تزعج الولايات الغربية من أمريكا، حتى إن كثيراً من تلك الولايات أصدر القوانين التي تحرم على الأجانب امتلاك الأراضي؛ ولما قرر "الكونجرس الأمريكي" سنة ١٩٢٤ أن يحدد الهجرة إلى البلاد، أبى أن يطبق على الأجناس الآسيوية مبدأ النسبة المخفضة التي سمح بها للشعوب الأوربية (١)، بل حرم هجرة الآسيويين تحريماً قاطعاً، وقد كان من المستطاع أن نصل إلى نفس النتيجة تقريباً لو طبقنا النسبة الجديدة على كل الأجناس بغير تمييز ولا تعيين، واحتج الوزير "هيوز" قائلاً: "إن هذا التشريع لا فائدة منه إطلاقاً حتى بالنسبة للغاية التي سُنَّ من أجل تحقيقها"؛ لكن المتحمسين فسروا الإنذار الذي وجهه السفير الياباني بشأن "النتائج الخطيرة التي قد تترتب على هذا القانون، فسروا بأنه تهديد، واستولت عليهم حمى البغضاء فأصدروا "قانون الهجرة".


(١) يقرر ذلك المبدأ أن يكون عدد المهاجرين من أي قطر مساوياً في نسبته إلى مجموع العدد المسموح بهجرته طوال العام، لنفس النسبة التي بين عدد سكان الولايات المتحدة من أبناء ذلك القطر سنة ١٨٩٠ وبين مجموع عدد سكان الولايات المتحدة في تلك السنة.