للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها مقالات زنوفون الدورية، وفي هذا الأدب قصص مؤثرة عن وفاء الأبناء للآباء، كوفاء أرستيز لأجممنون ووفاء أنتجوني لأوديب.

فإذا حانت منية الشيخ حرص الأحياء أشد الحرص على أن يجنبوا روحه كل ما يستطيعون أن يجنبوها من الآلام. فالجسم يجب أن يدفن أو يحرق، وإلا فإن الروح تهيم قلقة مضطربة حول العالم، وتثأر لنفسها من أبناء الشيخ المهملين. فقد تظهر مثلاً في صورة طيف، وتصيب النبات والإنسان بالأمراض والكوارث. وكان إحراق الموتى أكثر انتشاراً في عصر الأبطال ودفنهم أكثر انتشاراً في العصر الذهبي. والدفن عادة مأخوذة عن الميسينيين وقد بقيت إلى العصر المسيحي، ويبدو أن عادة إحراقهم جاءت إلى بلاد اليونان مع الأخيين والدوريين، لأن عاداتهم البدوية لا تمكنهم من أن يعنوا العناية الواجبة بالقبور. وجملة القول أن الدفن أو الإحراق واجب يلزم به الأثينيون، وقد بلغ من حرصهم عليه أن القواد المنتصرين في أرجنوسي قد أعدموا لأن عاصفة حالت بينهم وبين استعادة جثث موتاهم ودفنها.

وأبقت عادات الدفن اليونانية الأساليب القديمة إلى ما بعد عصرها بزمن طويل. من ذلك أن الجثة كانت تغسل بالماء، وتدهن بالعطور، وتكلل بالأزهار، وتُلبس أحسن ما تستطيع الأسرة أن تبتاعه لها من الثياب، ثم توضع اُبلة بين أسنانها لتؤديها أجراً لكارون صاحب القارب الأسطوري الذي ينقل الموتى في نهر أستيكس إلى مقرهم الأخير (١). وتوضع الجثة في تابوت من الفخار أو الخشب. وكان من أمثال اليونان الأقدمين قولهم "إن إحدى قدمي الشخص في التابوت" ويعنون بذلك ما نعنيه نحن بهذا المثل


(١) لقد كان من عادة اليونان أن يحملوا الفكة في أفواههم.