للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبقراط ابن طبيب ونشأ ومارس صناعته بين آلاف المرضى والسياح الذين وفدوا على كوس "لأخذ الماء من عيونها الساخنة". ووضع له معلمه هيرودكس السلمبري Herodicus of Selymbria الأساس الذي بنى عليه فنه بتعويده الاعتماد على نظام التغذية وعلى الرياضة الجسمية أكثر من اعتماده على الأدوية. وذاعت شهرة أبقراط حتى كان من بين مرضاه حكام مثل بردكاس Percdiccas ملك مقدونية، وأردشير الأول ملك الفرس، وفي عام ٤٣٠ ق. م. استدعته أثينة ليحاول وقف انتشار الطاعون فيها. وأخجله صديقه دمقريطس بأن عاش من العمر مائة عام كاملة، على حين أن الطبيب العظيم مات في الثالثة والثمانين من عمره.

وليس في كل ما كتب في الطب وفي كل ما يمكن أن يكتب فيه ما هو أكثر اختلافاً وأقل تجانساً من مجموعة الرسائل التي كانت تُعزى في القديم إلى أبقراط. ففيها كتب مدرسية للأطباء، ونصائح لغير رجال الطب، ومحاضرات للطلبة، وتقريرات، وبحوث، وملاحظات، وتسجيلات سريرية (كلينيكية) (١)) لحالات طريفة، ومقالات كتبها سوفسطائيون ممن يهتمون بالناحيتين العلمية والفلسفية في الطب. وكانت الاثنان والأربعون سجلاً سريرياً هي السجلات الوحيدة من نوعها في السبعة عشر قرناً التي أعقبت ذلك العهد، وكانت أعلى الأمثلة في الأمانة باعترافها أن المرض أو العلاج قد أعقبه الموت في ستين في المائة من الحالات (٤٨). وأربعة لا أكثر من هذه المؤلفات هي التي انعقد إجماع المؤرخين على أنها من كتابات أبقراط: وهي "الحكم" و"الأدلة" و "تنظيم التغذية والعوائد في الأمراض الحادة"، ورسالته "في جروح الرأس". أما ماعدا هذه الأربعة من المؤلفات المعزوة إلى أبقراط فمن وضع مؤلفين مختلفين عاشوا في


(١) مأخوذة عن سرير المريض. (المترجم)