للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوضع، وعرض عليه قيصر أن يزوجه أكتافيا حفيدة أخيه وأقرب قريباته في ذلك الوقت، وطلب أن يتزوج هو بابنة بمبي، ولكنه رفض كلا العرضين. وأخلت النكبة التي حلت بكراسس وجيشه في العام التالي من الميدان قوة أخرى كانت تعمل على إيجاد التوازن فيه. ذلك أن نجاح كراسس كان من شأنه أن يحول دون طغيان قيصر أو بمبي. وعقد بمبي من ذلك حلفاً صريحاً مع المحافظين، ولم يبق أمامه لنجاح خططه التي كان ينبغي بها الحصول على السلطة العليا بالطرق المشروعة في الظاهر إلا عقبة واحدة، هي مطامع قيصر وجيشه. وكان يعرف أن قيادة قيصر للجيش تنتهي في عام ٤٩، فاستصدر مراسيم تقضي بمد أجل قيادته هو إلى آخر عام ٤٦، وطلب إلى جميع الإيطاليين القادرين على حمل السلاح أن يحلفوا يمين الولاء العسكري له هو شخصياً، وكان يعتقد بعد هذا أن الزمن كفيل بأن يجعله سيد رومه (١٩).

وبينا كان القائدان اللذان يبغي كلاهما أ، يكون الحاكم بأمره في رومه يضعان خططهما على هذا النحو كانت الدمقراطية تحتضر في عاصمة البلاد، فكانت الأحكام القضائية، ومناصب الدولة، وعروش الملوك الخاضعين لسلطانها، تباع إلى من يعرض فيها أغلى الأثمان. من ذلك أن القسم الأول من المقترعين في الجمعية قد استولى في عام ٥٣ على عشرة ملايين سسترس ثمناً لأصوات أفراده (٢٠). ولما لم ينفع المال لم يتورع ذوو الشأن عن الالتجاء إلى الاغتيال (٢١) أو كشف الستار عن ماضي الناس، والتهديد بالكشف عن فضائحهم، فلم يروا أمامهم سبيلاً غير الإذعان. وفشا الإجرام في المدينة كما انتشرت السرقات في الأقاليم، ولم يكن في هذه ولا في تلك قوة من الشرطة تطمئن الناس على أنفسهم أو أموالهم، فكان الأغنياء يستأجرون عصابات من المجالدين يدفعون عنهم الأذى أو يؤيدونهم في الجمعية. واستهوت رائحة المال أو هبات الحبوب أحط الطبقات في إيطاليا فهرعت إلى رومه، وجعلت اجتماعات الجمعية مهزلة من المهازل، فكان كل من يقبل