للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يفلح بثيرانه الأرض التي ورثها عن أبيهِ.

وليس عليهِ دين …

ما أحلى النوم تحت شجرة السنديان القديمة.

والنهر يجري بين جسريهِ العاليين.

وطيور الأيك تغرد.

والماء يتدفق من العيون.

يدعو الإنسان للنوم الهنيئ! (٤٠).

وجدسيرنا أن نضيف إلى هذا أن الذي ينطق بهذه الأبيات مراب من أهل المدن، ينطقه بها هوراس في سخرية يمتاز بها عن كثيرين منم الشعراء، وأن هذا المرابي بعد أن ينطق بها لا يلبث أ، ينساها ويفقد نفسه بين أكوام نقوده.

وأكبر الظن أن هذا المرابض الهادئة هي التي كان يكدح فيها "كدح السعداء المجدين" (١) في تأليف هذه الأغاني التي يعلم أن ذيوع اسمه أزو خمول ذكره موقوف عليها. لقد مل الأشعار السداسية الوزن ولم يعد يطربه انسجام أوزانها المقيسة المحددة، أو التي تُقطع من آخر البيت لضرورة الشعر كأنها جُزَّت بمقصلة. وكان قد استمع في شبابهِ بالأوزان الدقيقة المرحة التي رآها في شعر سابفو Sappho والكيوس Alckeus، وأركلوكس Archilochus، وأنكريون Anacreon، فأراد الآن أن ينقل هذه الأوزان "السابفية" والألكية، والتفاعل المركبة من مقطعين ومن أحد عشر مقطعاً، إلى صورة الشعر الغنائي الروماني، وأن يعبر عن آرائه في الحب والخمر، والدين، والدولة، والحياة والموت في مقطوعات جديدة منعشة للنفس جامعة رصينة التركيب، قابلة للتلحين،


(١) هذه هي العبارة العجيبة الموفقة التي وصف بها بترونيوس هوراس.