للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القنصلية شواهد حجرية تبين المسافة بين كل شاهد والبلدة التي تليه. ولا تزال أربعة آلاف من هذه الشواهد باقية إلى يومنا هذا؛ ووضعت على مسافات معينة مقاعد يستريح عليها المسافرون المتعبون. وأنشئت بعد كل عشرة أميال محاط يستطيع من شاء أن يستأجر منها خيلاً، وأقيم بعد كل ثلاثين ميلاً نزل Mansio كان أيضاً مستودعاً للسلع وندوة وماخورا (٢١). وكانت نقط الاستراحة الرئيسية هي المدائن التي أنشئت فيها عادة فنادق جميلة تمتلكها وتديرها أحياناً الحكومات البلدية (٢٢). وكان معظم أصحاب النزل يسرقون أموال النزلاء كلما تيسرت لهم أسباب السرقة، كما كان غيرهم من اللصوص يجعلون الطرق غير آمنة في أثناء الليل على الرغم من وجود حاميات من الجند في كل محطة. وكان في استطاعة المسافرين أن يبتاعوا كتباً للإرشاد تبين الطرق والمحاط، وأطوال ما بينها من المسافات (٢٣). وكان الأثرياء الذين يستنكفون أن ينزلوا في النزل يحضرون معهم ما يلزمهم من الحاجيات، ويصطحبون العبيد وينامون في عرباتهم بحراسة رجالهم، أو في بيوت أصدقائهم، أو موظفي الحكومة المحليين.

وأكبر الظن أن الأسفار في عهد نيرون كانت أكثر منها قبل أن نولد نحن، رغم ما كان يعترضها من الصعاب. وفي ذلك يقول سنكا: "إن كثيرين من الناس كانوا يركبون البحار مسافات طويلة ليشاهدوا منظراً بعيداً" (٢٤).

ويحدثنا أفلوطرخس عن الخبابين الذين يقضون خير أيام حياتهم في النزل وفي القوارب" (٢٥). وكان الرومان المتعلمون يهرعون جماعات إلى بلاد اليونان ومصر وآسية اليونانية، وينقشون أسماءهم على الآثار التاريخية، ويرتادون الأجواء ومنابع المياه المفيدة للعلاج والصحة، أو يأتون لمشاهدة المجموعات الفنية في الهياكل، أو يسافرون للدرس على مشهوري الفلاسفة والخطباء والأطباء؛ وما من شك في انهم كانوا يسترشدون بيوسنياس كما نسترشد نحن ببدكر (٢٦).

وكانت هذه الرحلات الطويلة تتضمن عادة رحلة بحرية على ظهر سفينة