للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشكو أن الحروف تشن كي تجد السيدات الرومانيات ويجد الغنادرة (١) من الشبان مجالاً واسعاً للحصول على القصور (٧٤).

ويجب ألا نبالغ في تقدير ثروة رومة القديمة، ذلك أن مجموع إيرادات الدولة في أيام فسبازيان لم تزد على ١. ٥٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠ سسترس (١٥٠. ٠٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي) … وهي أقل من خمس ميزانية بيويورك اليوم. ولم تكن الوسائل التي تمكن الناس من جمع ثروات طائلة بطريق الإنتاج الكبير معروفة في ذلك الوقت أو أنها لم تكن يُعنى بها، ولم تكن قد نشأت وقتئذ صناعة العالم الحديث وتجارته اللتان يمكن أن تفرض عليهما الضرائب العالية. ولم تكن الحكومة الرومانية تنفق على الأسطول الحربي إلا القليل من المال، ولم تكن تنفق شيئاً على خدمة الدين العام، فقد كانت تعيش على مواردها لا على ديونها. وإذ كانت معظم الصناعات منزلية فإن منتجاتها كانت تنتقل إلى المستهلك دون أن يعترضها من الوسطاء والضرائب ما يعترضها في هذه الأيام، فقد كان الناس ينتجون للبيئة التي يعيشون فيها أكثر مما ينتجون للسوق العامة، وكانوا يعملون لأنفسهم أكثر مما نعمل اليوم، ولغيرهم ممن لا يرونهم أقل مما نعمل نحن. وكانوا يستخدمون أجسامهم أكثر منا، ويعملون زمناً أطول منا، وكانوا في عملهم أقل منا حدة وانكباباً على العمل، ولم يكونوا يشعرون بأنهم محرومون من آلاف الكماليات التي لا تتراءى لهم في احلامهم، ولم يكن في مقدورهم أن يشرعوا في اقتناء الثروة التي تضارع ثروتنا نحن في السنين العجاف؛ ولكنهم كانوا يستمتعون بقدر من الرخاء لم تعرف أمم البحر الأبيض المتوسط نظيراً له من قبل ونستطيع أن نقول بوحه عام إنها لم تر ما يماثله بعد. وملاك القول أن العالم القديم وصل في تلك الأيام إلى أعلى درجات عظمته المادية.


(١) الغلام الغندر كجندب وقنفذ سمين غليظ ناعم وهو الذي يطلق عليه عامة الناس لفظ "غندور". (المترجم)