للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصور معنى خاصاً وموضعاً خاصاً. وقد تركت الصور الجدارية التي في بيت فتاي في أماكنها الصلية، فترى في المطعم ديونيشس يفاجئ أدرياني النائمة، وترى على الجدار المقابل لهذه الصورة ديدالس Daedalus يعرض بقرته الخشبية على باسفائي؛ Pasifa (وفي الطرف الأقصى من الجدار ترى هرمس ينظر في هدوء إلى هفيستس Hephaestus وهو يشد إكسيون Ixion إلى عجلة التعذيب. ونشاهد في حجرة ثانية مظلمات مضحكة متتابعة فيها صور متعددة لكيوبد إله الحب يسخر مما في بمبي من صناعات بما فيها صناعة الخمر في فتاي. وقد عدت عوادي الأيام على هذه الصورة التي كانت من قبل ناضرة براقة، ولكن ما بقي منها يكفي لأن يشعر الزائر بما يجب أن يكون عليه من تواضع وحياء، فصور الأجسام البشرية تكاد تبلغ الغاية في الإتقان والجودة، وتكاد تنبض بالحياة وتثير دم الشهوة في عروق الأحياء من بني الإنسان.

ولقد حاول الخبراء أن يفهموا ماهية فن التصوير في إيطاليا القديمة ويصنفوا عصوره وأنماطه بالاعتماد على ما وجدوه من نماذج له في إيطاليا القديمة. وهذه الطريقة في التصنيف خطرة غير مأمونة لأن بمبي نفسها كانت يونانية أكثر منها لاتينية؛ ولكن ما بقي في رومة وضواحيها من رسوم قديمة يتفق غلى حد كبير مع تطور فن التصوير في بمبي. ففي الطراز الأول (القرن الثاني قبل الميلاد) حين كانت الجدران تغطي بقشرة كاملة قبل الرسم عليها، كانت الجدران في أغلب الأحيان تلون بحيث تبدو كأنها مطعمة بألواح من الرخام كما تشاهد في "بيت سلت" في بمبي. وفي الطراز الثاني أو الطراز المعماري (القرن الأول قبل الميلاد) كان الجدار يطلى ليمثل بناء أو واجهة أو بهواً ذا عمد، وكثيراً ما كانت العمد ترسم كما تبدو للناظر إليها من الداخل، وبينها مظاهر الريف الخلوية، وبهذه الطريقة كان الفنان يضفي على الغرفة التي لا نوافذ لها في أغلب الظن محيطاً ذا نسيم عليل من الأشجار والأزهار والحقول، والجدول، والحيوانات الهادئة أو المرحة اللاعبة.