للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العربات، وتعلق صورهم في كل مكان، وتعلن أنباء فوزهم في النشرة اليومية. ومنهم من كان يجني من وراء ذلك ثروات طائلة، ومنهم من كانت تقام له التماثيل في الميادين العامة. وإذا أقبل يوم السباق سار مائة وثمانون ألفاً من الرجال والنساء في حللهم ذوات الألوان الزاهية إلى المضمار الرحب الكبير. وهناك ترتفع حماسة النظارة إلى حدالجنون، فترى أشياع كل جواد يشمون روثه ليتأكدوا من أن ذلك الجواد قد أطعم الطعام الذي يليق به (١٠٥). وكان النظارة يمرون بالحوانيت والمواخير الممتدة على طول أسوار المضمار الخارجية، ثم يدخلون من مئات الأبواب ويوزعون أنفسهم على المقاعد المنظمة على شكل حذاء الفرس، والعرق يتصبب من جباههم من فرط الشوق والقلق، والبائعون يبيعون الوسائد لأن المقاعد كانت تصنع في العادة من الخشب الصلب، ولأن السباق كان يستمر طول النهار. وكان لأعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم من العظماء مقاعد خاصة من الرخام مزينة بالبرونز، وكان من خلف مقصورة الإمبراطور طائفة من الحجر الفخمة يستطيع- إذا شاء- أن يأكل فيها ويشرب، ويستريح، ويستحم وينام. وكانت حمى المراهنات ترتفع إلى أقصى حد، والثروات تنتقل من يد إلى يد كلما تقدم النهار. وكانت الخيل وراكبوها، والعربات وسائقوها، تخرج من فتحات تحت المقاعد، وكلما بدا لون منها قابله أنصاره بتصفيق ترتج المقاعد من شدته. وكان سائقو العربات- ومعظمهم من العبيد- يلبسون جلابيب زاهية الألوان ويضعون على رؤسهم خوذاً براقة، ويمسك كل منهم بإحدى يديه سوطاً، وفي منطقته سكين يقطع بها السيور المربوطة في وسطه، إذا حدثت له حادثة. وكان شكل المضمار إهليجياً تمتد في وسطه "الشوكة" (Spina) وهي جزيرة طولها ألف قدم تزدان بالتماثيل والمسلات، وفي طرف من أطراف المضمار تقوم "المقاييس" (Metae) وهي عمد مستديرة ينتهي عندها السباق. وكان طول سباق المركبات سبع دورات في العادة، أي حوالي خمسة