للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنحاء إيطاليا وكانت واحدة في الإسكندرية، وكان للأغنياء في أيام قيصر مدارس أنشأوها لأنفسهم ليعدوا فيها العبيد ليكونوا مجالدين، وكانوا يتخذون خريجيها حرساً خاصاً لها في زمن السلم وجنوداً في وقت الحرب، ويؤجرونهم للقتال في المآدب الخاصة، ويعيرونهم للقتال في الألعاب. وكان الكثيرون ممن يدخلون مدارس المجالدين المحترفين يقسمون عند دخولهم يميناً بأن "يقبلوا الضرب بالعصي والحرق بالنار، والقتل بحد السنان" (١١٤). وكان التدريب والنظام فيها صارمين، وكان الأطباء يراقبون ما يقدم فيها من الطعام، ويصفون للطلاب أكل الشعير ليقووا بأكله عضلاتهم. وكان عقاب من يخرج على القواعد والنظم الموضوعة الجلد، والكي، والسجن والأغلال. ولم يكن طلاب الموت هؤلاء جميعهم غير راضين عن مصيرهم، فمنهم من كانوا يزدهون بما سوف يحرزون من نصر، وكانوا يفكرون في شجاعتهم أكثر من تفكيرهم فيما يتعرضون له من الأخطار (١١٥)، ومنهم من كان يشكو أنه لم تتح له فرص كافية للقتال، وكان هؤلاء يحقدون على تيبريوس لأنه لا يكثر من إقامة الألعاب. لقد كان يعزيهم عن الخطر الذي يتعرضون له، ويغريهم بركوب هذا الخطر، ما سوف ينالون من الشهرة، فقد كان المعجبون بهم يكتبون أسماءهم على جدران المباني العامة، وكانت النساء تعشقهم، وكان الشعراء يغنون بمدحهم، والمصورون يصورونهم، والمثالون يخلدون للأجيال المقبلة صور عضلات أذرعهم الحديدية، وعبوسة وجوههم الرهيبة. على أن منهم كثيرين كانوا يألمون لسجنهم الطويل، وحياتهم الوحشية الرتيبة، وما يتوقعون لأنفسهم من آجال قصيرة، ومنهم من كانوا ينتحرون، وقد انتحر واحد منهم بأن كتم نفسه بإسفنجة كان يستخدمها في تنظيف أعضائه السرية، وانتحر آخر بوضع رأسه بين أنصاف محاور عجلة تتحرك، وانتحر كثيرون منهم بشق بطونهم في المجتلد (١١٦).

وكانوا في الليلة السابقة للقتال تولم لهم وليمة طيبة؛ فمن كان منهم فظاً