للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما قاله عن نفسه: "لقد نلت كل شيء ولكن ما نلته لا قيمة له" (٤). ويقول هيروديان إن "كركلا قد أغضبه أن تطول حياة أبيه … فطلب إلى الأطباء أن يعجلوا بموت الشيخ بأية وسيلة بمتناول أيديهم". وكان سبتميوس قد لام أورليوس حين سلم الإمبراطوريّة إلى كمودس، ولكنه هو نفسه أسلمها إلى كركلا وجيتا، بهذه النصيحة الساخرة: "وفرا المال لجنودكما ولا يهمكما شيء غير هذا" (٦). وكان آخر إمبراطور مات في فراشه في الثمانين عاماً التي سبقت وفاته.

ويبدو أن كركلا (١) قد خلق، كما خلق كمودس، لكي يثبت أن نصيب الرجل من النشاط قلما يكفي لأن يجعله عظيم في حياته، وفي قوته الجنسية معاً. وقد كان في صباه وسيماً صيّعاً، فلما بلغ سن رشده أصبح همجياً مفتتناً بالصيد والحرب، يقتص الخنازير البرية، وينازل أسداً بمفرده، ويحتفظ بعدد من الآساد بالقرب منه في قصره، واتخذ منها رفيقاً له في بعض الأحيان يجالسه على مائدته وينام معه في فراشه (٧). وكان يستمتع بصحبة المجالدين والجند بنوع خاص، ويبقي أعضاء الشيوخ زمناً طويلاً في حجرات الانتظار حتى يفرغ من إعداد الطعام والشراب لرفاقه. ولم يكن يرضى أن يشترك معه أخوه في حكم الإمبراطوريّة، فأمر بقتل جيتا في عام ٢١٢، فاغتيل الشاب وهو بين ذراعي أمه، خضب أثوابها بدمه. ويقال انه حكم بالموت على عشرين ألفاً من أتباع جيتا، وعلى كثيرين من المواطنين، وعلى أربع من العذارا الفستية، اتهمهن بالزنى (٨). ولما تذمر الجيش على أثر مقتل جيتا أسكته بأن نفحه بهبة تعادل كل ما ادخره سبتميوس من الأموال، وكان يفضل الجنود والفقراء على رجال الأعمال والأشراف؛ ولعل ما نقرؤه عنه


(١) وقد سمّى نفسه بهذا الاسم نسبة إلى الجلباب الغالي الطويل الذي كان يلبسه، أما اسمه الحقيقي فهو بسيانيوس Bassianius، ولما جلس على العرش سمّى نفسه ماركس أورليوس انطونينس كركرلا.