للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الألواح مثلاً بلطا- أرتوا يشكو من أنه التزم أوامر الآلهة أشد مما التزمها جميع الناس. ولكنه مع هذا أصابته طائفة من البلايا، ففقد أبويه، وخسر ماله، وحتى القليل الذي بقي له منه سرق في الطريق. ويجيبه أصدقاؤه- كما يجيب أيوب أصدقاؤه- بأن ما حل به من بلاء ليس إلا عقابا له على خطايا خافية عنه- وربما كان جزاء له على صلفه العاتي المنبعث من طول عهده بالرخاء، وهو أشد ما يثير غضب الآلهة وحسدها. ويؤكدون له أن الشر ليس إلا خيراً مقنعاً، وأنه جزء من السنن الإلهية ينظر إليه نظرة جد ضيقة بعقله الضعيف، وهو غافل عن هذه السنن في مجموعها، وأنه إذا ما استمسك بإيمانه وشجاعته، فإنه سيجزى في آخر الأمر خير الجزاء؛ وسينال ما هو خير من هذا وهو أن أعداءه سيلقون عقابهم. وينادى بلطا- أرتوا الآلهة يطلب إليها العون- ثم تختتم القطعة الباقية من اللوح ختاماً مفاجئاً (١٦٢).

وتعرض قصيدة أخرى وجدت ضمن بقايا مجموعة الآداب البابلية التي خلفها أشور بانيبال هذه المشكلة بعينها عرضا أدق حين يتحدث تابي- أتول- أنليل، وهو كما يلوح أحد كحام نبور، عن نفسه فيقول في وصف ما لاقاه من الصعاب (١):

(طمس على مقلتي كأنما أغلقهما) بقفل؛

(ووقر أذني) كأذني الشخص الأصم.

وكنت ملكاً فصرت عبداً؛

وأساء رفاقـ (ى) معاملتي كأن بي جنة.

ابعث إليَّ العون ونجني من الوهدة التي احتفرت (لي)! …

بالنهار حسرات عميقة، وبالليل بكاء؛

وطول الشهر- صراخ؛ وطول العام- شقاء …


(١) الألفاظ الموضوعة بين قوسين ألفاظ ظنية.