للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لولاها لخسرها العالم، وبمؤلفاتهم في النصوص، والأدب، والنقد التاريخي. ولا حاجة بنا إلى ذكر أسماء هؤلاء العلماء الأعلام، وحسبنا أن نعترف بفضلهم ونمجد أعمالهم.

وأكثر من تحتفظ الذاكرة بأسمائهم من بين أولئك العلماء هم المؤرخون، لأننا مدينون لهم بما نعرفه عن تلك الحضارة التي لولاها لظلت غامضة غموض حضارة مصر الفرعونية قبل شمبليون. ومن هؤلاء المؤرخين محمد ابن إسحق (المتوفى عام ٧٦٧) كاتب سيرة النبي؛ وقد راجعها وزاد عليها ابن هشام (٧٦٣) فكانت أقدم كتاب عربي منثور ذا شأن عظيم وصل إلى أيدينا-إذا استثنينا من ذلك القرآن (الكريم) نفسه. وقد كتب العلماء الباحثون المجدون كتباً جامعة في سيرة الأولياء الصالحين، والفلاسفة، والوزراء، والمشترعين، والأطباء، والخطاطين، وكبار الحكام، والعشاق، والعلماء. وكان ابن قتيبة أحد علماء الإسلام الكثيرين الذين حاولوا كتابة تاريخ العالم، ولقد بلغ من الشجاعة درجة أوحت إليه أن يجعل نصيب الدين الذي ينتمي إليه لا يشغل من الكتاب إلا ذلك الحيز المتواضع الذي يجب ألا يزيد عليه تاريخ أية أمة أو أي دين في كتاب تاريخ جماع لأحداث الدهر الكثيرة. واخرج محمد بن النديم عام ٩٨٧ كتابه "فهرست العلوم" أرخ فيه لكل كتاب ظهر في اللغة العربية، مؤلفاً كان أو مترجماً، في كل فرع من فروع العلم، وأضاف إلى أسماء الكتب ترجمة نقدية لمؤلفيها، ذكر فيها فضائل كل مؤلف وعيوبهَُ. وفي وسع القارئ أن يحكم على ثراء الأدب الإسلامي أيامه إذا عرف أ، الكتب التي ذكرها-على ما نعلم-لم يبقَ منها الآن واحد في الألف (١٣).

وشبيه بليفي في الغرب أبو جعفر محمد الطبري (٨٣٨ - ٩٢٣) عند المسلمين (١٤). وكان أبو جعفر من أصل فارسي كما كان كثيرون من المؤلفين المسلمين، ولد في طبارستان الواقعة في جنوب بحر قزوين. وبعد أن ظل عدة