للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالِث

[الطب]

وما فتئ الناس في هذه الأثناء يحبون الحياة، وينفقون الأموال الطائلة في تأخير ساعة الموت، وإن كانوا دائمي الافتراء عليها والتنديد بها. ولم يكن العرب حين دخلوا بلاد الشام يعرفون الطب إلا معلومات بدائية، ولم يكن لديهم من الأدوات والأجهزة الطبية إلا القليل الذي لا يغني. فلما أن ازدادت الثروة نشأت في الشام وفارس طائفة من الأطباء، واسعة العلم، عظيمة المقدرة، أو استقدمت من بلاد اليونان والهند .. وإذ كان المسلمون يستنكفون من تشريح الأجسام الحية أو جثث الموتى فإن علم التشريح عند المسلمين قد اقتصر على ما جاء في كتب جالينوس، أو على دراسة الجرحى من الناس؛ ومن أجل هذا كان أضعف فروع الطب الإسلامي هو الجراحة، وكان أقواها هو الطب العلاجي وخواص العقاقير الطبية. وقد أضاف العرب إلى علم الأقرباذين العنبر، والكافور، وخيار الشنبر، والقرنفل العطري، والزئبق، والسنالمكي، والمر، وأدخلوا في الأبنية مستحضرات طبية جديدة-منها أنواع الشراب، والحلاب، وماء الورد وما إليها. وكان من أهم الأعمال التجارية بين إيطاليا والشرق الأدنى استيراد العقاقير العربية. وكان المسلمون أول من أنشأ مخازن الأدوية والصيدليات، وهم الذين أنشئوا أول مدرسة للصيدلة، وكتبوا الرسائل العظيمة في علم الأقرباذين. وكان الأطباء المسلمون عظيمي التحمس في دعوتها إلى الاستحمام، وخاصة عن الإصابة بالحميات (٤٦)، وإلى استخدام حمام البخار؛ ولا يكاد الطب الحديث يزيد شيئاً على ما وصفوه من العلاج للجدري والحصبة، وقد استخدموا التخدير بالاستنشاق في بعض العمليات الجراحية (٤٧)؛ واستعانوا بالحشيش وغيره من