للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللذين مثلهما الخلف بالأسطورة المأثورة التي تقول إنه طلب إلى الآلهة أن تهبه القدرة على تحويل كل ما يمسه إلى ذهب. وأجابت الآلهة طلبه فكان كل ما يمس جسمه يستحيل ذهباً حتى الطعام الذي تلمسه شفتاه. وأوشك الرجل أن يموت جوعاً، لكن الآلهة سمحت له أن يطهر نفسه من هذه النقمة بأن يغتسل في نهر بكتولس- وهو النهر الذي ظل بعدئذ يخرج حبوباً من الذهب.

واتخذ الفريجيون طريقهم من آسية إلى أوربا وشادوا لهم عاصمة في أنقورة، وظلوا وقتاً ما ينازعون أشور ومصر السيادة على الشرق الأدنى، واتخذوا لهم إلهة- أُمَّا ُتدعى ما، ثم عادوا فسموها سيبيل، واشتقوا هذا الاسم من الجبال (سيبيلا) التي كانت تعيش فيها، وعبدوها على أنها روح الأرض غير المنزرعة، ورمز جميع قوى الطبيعة المنتجة. وأخذوا عن أهل البلاد الأصليين طريقة خدمة الإلهة بالدعارة المقدسة، ورضوا بأن يضموا إلى أساطيرهم الشعبية القصة التي تقول إن سيبيل أحبت الإله الشاب أرتيس (١) وأرغمته على أن يخصي نفسه تكريماً لها. ومن ثم كان كهنة الأمم العظيمة يضحون لها برجولتهم حين يدخلون في خدمة هياكلها (١١). وقد سحرت هذه الخرافات الوحشية لب اليونان وتغلغلت في أساطيرهم وأدبهم. وأدخل الرومان الإلهة سيبيل رسمياً في دينهم، وكانت بعض الطقوس الخليعة التي تحدث في حفلات المساخر الرومانية مأخوذة عن الطقوس الوحشية التي كان الفريجيون يتبعونها في احتفالهم بموت أرتيس الجميل وبعثه (١٢).

وانتهى سلطان الفريجيين في آسية الصغرى بقيام مملكة ليديا الجديدة التي أسسها الملك جيجيس واتخذ سرديس عاصمة لها. ثم حكمها أليتيس أربعين سنة بلغت في خلالها درجة عظيمة من الرخاء والقوة ثم ورثها كروسس (٥٧٠ - ٥٤٦ ق. م) واستمتع بها أيما استمتاع، ووسع رقعتها بما فتحه من أقاليم


(١) وتحدثنا الأساطير بأن أرتيس ولدته نانا، الإلهة العذراء بمعجزة من المعجزات، وبأنها حملت فيه بوضع رمانة بين ثدييها.