للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القائم بين البابوية والإمبراطورية لأن فلورنس انحازت إلى جانب البابوية، وكان انتصار مانفرد عند منتابرتو Montaperto (١٢٦٠) في واقع الأمر نصراً لسينا على فلورنس. ومع أن أهل سينا كانوا يقاتلون البابا، فإنهم كانوا يعزون ما نالوه من نصر في تلك الواقعة إلى قديستهم الشفيعة العذراء أم الإله. ووهبوا مدينتهم لمريم إقطاعية لها، وطبعوا على نقدهم تلك العبارة الدالة على الزهو والخيلاء وهي دولة العذراء، وضعوا مفاتيح المدينة تحت قدمي العذراء في الكنيسة الكبرى التي سموها باسمها. وكانوا في كل عام يحتفلون بذكرى انتقالها إلى السماء ويقيمون لذلك احتفالاً رهيباً مثيراً. فقد كان جميع المواطنين من سن الثامنة عشرة إلى سن السبعين يسيرون إلى الكنيسة (duomo) في ليلة العيد وبيد كل منهم شمعة مضاءة في موكب فخم وراء قساوستهم وكبار موظفيهم، فإذا أتوا الكنيسة جددوا يمين الولاء والطاعة إلى العذراء. وكان موكب آخر يسير في يوم العيد نفسه ويتألف من ممثلين للمدن والقرى والأديرة المفتوحة أو التابعة لسينا، وكان هؤلاء المندوبون يسيرون أيضاً إلى الكنيسة يحملون الهدايا، ويجددون يمين الطاعة والخضوع لحكومة مدينة سينا ولملكتها. وكانت سوق عامة تقام في ميدان المدينة في هذا اليوم، ويستطيع الأهلون أن يشتروا فيها بضائع آتية من مائة مدينة، ويقوم فيها البهلوان والمغني والموسيقي بأدوارهم، ولم يكن يزيد عن عدد الذين يؤمنون وكر الميسر في المدينة إلا من يؤمنون ضريح مريم نفسها.

وكانت الأعوام المائة التي بين ١٢٦٠، ١٣٦٠ هي التي بلغت فيها ذروة عظمتها، ففي هذه السنين المائة شادت كنيستها (١٢٤٥ - ١٣٣٩)، وأنشأت قصرها العام الذائع الصيت (١٣١٠ - ١٣٢٠)؛ وبرج الأجراس الجميل (١٣٢٥ - ١٣٤٤). ونحت نقولو بيزانو Nccolo Pisano فسقة فخمة للكنيسة في عام ١٢٦٦؛ ولم يحل عام ١٣١١ حتى كان دوتشيو دي بيوننسنيا Duccio di Buoninsegna قد شرع يزين كنائس المدينة بعدد من أقدم روائع صور النهضة