للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"بزو، بزو! pazzo! pazzo المجنون، المجنون! " وهناك عثر عليه أبوه، وسماه بالشاب الذي ذهب نصف عقله؛ وجره إلى منزله، وأغلق عليه حجرة ضيقة. ولما أطلقته أمه من حبسه عاد مسرعاً إلى المصلى، فحلق به أبوه الغاضب، وأنبه لتعرضه أسرته للسخرية، ولامه لأنه لم يفد قيها من المال الذي أنفقه على تربيته، وأمره أن يخرج من البلدة التي هو فيها. وكان فراسيس قد باع كل ممتلكاته الشخصية لينفق من ثمنها على المصلى، فلما سمع هذا القول من أبيه أعطاه ما كان معه من ثمنها، وقبله منه أبوه، ولكنه لم يعترف لوالده بحقه في أن يأمر شخصاً هو وقتئذ ملك للمسيح. ولما استدعى للمثول بين يدي محكمة الأسقف في ميدان القديسة مارياما جوري، مثل أمامها في خشوع وحوله جمع حاشد ينظر إليه. وقد خلد جيوتو هذا المنظر في صورة له ذات روعة. ووثق الأسقف بما قطعه على نفسه من وعد وأمره أن يتخلى عن جميع أملاكه. وآوى فرانسيس إلى حجرة في قصر الأسقفية، وما لبث أن عاد عارياً كما ولدته أمه، وألقى أمام الأسقف بثيابه المحزومة وما كان باقيا معه من نقود قليلة وقال: " لقد ظللت حتى هذه الساعة أدعو بيترو برنادون أبي، أما الآن فأحب أن أكون خادماً لله، لأني من هذه الساعة لن أنطق بغير "أبانا الذي في السموات" (٤٠). وأخذ برنادون الثياب وغطى الأسقف فرنسس المرتجف بمئزره، وعاد فرانسس إلى مصلى القديس داميان، ونسج لنفسه ثوباً من أثواب النساك، وأخذ يسأل الناس طعامه من باب إلى باب، وشرع يبني بيديه المصلى المتصدعة، وجاء بعض أهل القرية يساعدونه، وكانوا يغنون جميعاً وهم يعملون.

وبينما كان يستمع إلى القداس في شهر فبراير من عام ١٢٠٩ أثرت في نفسه العبارات التي كان القس يتلوها من تعاليم المسيح إلى الرسل: وفيما" أنتم ذاهبون أكرزوا قائلين إنه قد اقترب ملكوت السموات، أشفوا مرضى، طهروا برصاً