للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشعر، والموسيقى والغناء، كما حدث في مسرح اليونان الديونيسي، فوضع في يومين أثنين، كما يؤكد هو ويقسم، مسرحية غنائية في ٤٣٤ بيتاً غنيت للكردنال فرانتشسكو جنزاجا Francesco Gonzaga في منتوا (١٤٧٢). وقد سماها قصة أورفيوس وتحدث فيها عن موت يوريديس Eurydice زوج أورفيوس، وكيف ماتت من عضة ثعبان، حين كانت تحاول الهرب من راع هام بحبها، وكيف اتخذ أورفيوس البائس المسكين طريقه إلى الجحيم، وسحر بلوتو بقيثارته فلم يسمع إله العالم السفلي إلا أن يعيد له يوريديس على شريطة ألا ينظر إليها حتى يخرج من الجحيم كله، فاختطفت منه وأعيدت من فورها إلى الجحيم، وحيل بينه وبين تعقب خطاها. وأثر ذلك في أورفيوس وتملكته نوبة من الجنون فكره النساء كلهن، وأوصى الرجال بأن يغفلوا النساء، ويشبعوا أنفسهم بالغلمان كما أشبعها زيوس بجانيميد. واستشاطت مينادات (أرواح) الغاب غضباً من احتقاره النساء، فانهلن عليه ضرباً حتى فارق الحياة، وسلخن جلده، ومزقن أطرافه من جسمه، وأخذن يغنين وهن مبتهجات لانتقامهن منه. وقد ضاعت الموسيقى التي كانت تصاحب الشعر، ولكن في وسعنا أن نضع ونحن آمنون مسرحية أورفيوس بين أولى المسرحيات التي تبشر بظهور المسرحيات الغنائية الإيطالية.

وكاد بوليتيان أن يصبح من الشعراء العظام، ولكنه لم يبلغ من هذه المرتبة لأنه تجنب مساقط العواطف الثائرة، ولم يتعمق أغوار الحياة أو الحب، فهو ساحر على الدوام غير عميق على الإطلاق، وكان حبه للورندسو أقوى ما عرف من المشاعر، وكان يقف إلى جانب راعيه ونصيره عند مقتل جوليانو في الكنيسة، وكان هو الذي أنقذ حياة لورندسو بإغلاق أبواب غرفة المقدسات وإحكام مزاليجها في وجه المتآمرين، ولما عاد لورندسو