للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحف كلها الرشاقة النسوية التي أخذها مينو من دزيديريو، فهي تبعث السرور ولكنها لا تسترعي الانتباه، وليس فيها عمق؛ فهي لا تثير اهتمامنا كما تثير تماثيل أنطونيو بولايولو، أو أنطونيو روسلينو؛ وكان منشأ هذا أن مينو قد أفرط في حب ديزيديرو حتى لم يستطع إغفال النماذج التي وضعها هذا الأستاذ، ليبحث في الطبيعة الصارمة غير الرحيمة عن حقائق الحياة وما تكشف عنه من معان خفية.

أما فيروتشيو Verrocchio فقد كانت له «عين حقة» وأوتي من الشجاعة ما أمكنه به أن يفعل هذا الذي عجز عنه مينو، وأخرج أعظم آيتين من آيات النحت في عصره. كان أندريا دي ميكيلي تشيوني Andrea di Michele Cione ( لأن هذا هو أسمه الحقيقي) صائغاً، ومثالاً، وصانع اجراس؛ ورساماً، وعالماً بالهندسة النظرية، وموسيقياً. ويرجع أكبر أسباب شهرته في الرسم إلى أنه علم ليوناردو، ورندسو دي كريدي، وبروجينو Perugino وكان له فيهم أثر كبير. أما رسومه هو فأكثرها جامد، ميتة؛ وقل أن يوجد في صور عهد النهضة ما هو أبعث على النفور من صورة تعميد المسيح الذائعة الصيت؛ فالمعمد فيها متطهر متزمت، عنيد، والمسيح وهو على ما يظن في الثلاثين من عمره يبدو كأنه شيخ مسن؛ والملاكان اللذان إلى يساره فدمان فدامة نسوية، ومن هذه الصور صورة المَلَك التي كان من العادة أن تعزى إلى ليوناردو؛ غير أن صورة طوبياس والملائكة الثلاثة صورة ممتازة؛ وفي صورة الملك الوسطى ما يستبق رشاقة صور بتيتشلي ومزاجه، كما أن صورة الشاب طوبياس تبلغ من الجمال حداً لا يسعنا معه إلا ان نقول إنها هي صورة لورندسو أو أن نقّر أن دافنتشي قد اخذ من طراز فيروتشيو في التصوير أكثر مما كنا نظن. وثمة رسم لرأس امرأة محفوظ في كنيسة المسيح Christ Church بأكسفورد يوحي مرة أخرى بالتفكير السماوي الغامض الذي يطالعنا في صور نساء ليوناردو،