للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هي القوة الأربع العارضة التي يرتكز فيها وجود جميع أعمال بني الإنسان وغاياتها)) (٨٢). لكنه رغم هذا الميول لم يكن إنساناً مادياً، بل إنه كان على عكس هذا، ودليلنا على ذلك أنه عرف القوى بأنها ((مقدرة روحية … روحية لأن الحياة التي بها خفية لا ترسم وليس لها جسم .. ولا تُحَس لأن الجسم الذي تتكون فيه لا يزداد في حجمه ولا في وزنه)) (٨٣).

ودرس انتقال الصوت ورد الوسط الذي ينتقل فيه إلى أمواج الهواء، وقال: ((إذا ضرب وتر العود … نقل الحركة إلى وتر مثله له نفس النغمة على عود آخر، وفي وسع الإنسان أن يتأكد من هذا بوضع قشة على الوتر المشابه للوتر الذي ضرب)) (٨٤). وكانت لديه فكرته الخاصة عن المسرة (التلفون): ((إذا وقفت مركبة، ووضعت رأس أنبوبة طويلة في الماء، ووضعت طرفها الآخر على أذنك، سمعت حركة السفن الأخرى البعيدة عنك؛ وفي وسعك أن تصل إلى هذه النتيجة نفسها إذا وضعت رأس الأنبوبة على الأرض، فتسمع صوت أي إنسان يمر على بعد منك)) (٨٥).

لكنه كان يولى الإبصار والضوء من الاهتمام أكثر مما يولي الصوت، وكانت العين تثير عجبه: ((منذا الذي يعتقد أن هذه البقعة الصغيرة تستطيع أن تحتوي صور العالم أجمع)) (٨٦) وكان مما يثير دهشته أعظم مما تثيره العين قدرة العقل على أن يستعيد الصور التي مرت به من زمن بعيد. ولقد كتب وصفاً غاية للجودة للطريقة التي تستطيع بها عدسات المنظار أن تعوض ضعف عضلات العينين (٨٧). وشرح عملية الإبصار على أساس مبدأ ((آلة التصوير ذات الصندوق المظلم)): ففي آلة التصوير وفي العين تقلب الصور بسبب التقاطع الهرمي للأشعة الضوئية التي تنبعث من الجسم إلى آلة التصوير أو إلى العين (٨٨). وحلل انكسار ضوء الشمس في قوس قزح، وكان يعرف كما يعرف ليون باتستا ألبرتي الشيء الكثير عن الألوان المتممة قبل أن