للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استخدموا الماشية عملة نقدية؛ حتى لقد كانت العروس تشترى بالأبقار (٤١)، كهؤلاء اللائي يقول عنهن هومر "عذارى يحملن أبقارا" وبعد ذلك ظهرت عملة نحاسية ثقيلة، لم يكن يضمن قيمتها إلا الأفراد بصفاتهم الشخصية؛ ولم يكن للقوم مصارف، ولذلك كان المال المخزون يُخبأ في المنازل أو يدفن في الأرض أو يوُدع عند صديق؛ ومن هنا تطور نظام للإيداع في عهد بوذا؛ وذلك أن التجار في المدن المختلفة كانوا ييسرون التجارة بأن يعطي كل منهم لزميله خطاباً يعترف فيه بما عليه له؛ وكان في المستطاع أن تستعير من هؤلاء- وهم أشباه أسرة روتشيلد- ديناً بربح مقداره ثمانية عشر في كل مائة (٤٢) وكنت تسمع بين الناس حديثاً كثيراً عما بينهم من عهود مالية؛ وفي ذلك العصر لم تكن العملة النقدية من ثقل الوزن بحيث تثبط المقامرون عن استخدامها في قمارهم، وكان "زهر" القمار قد وطد لنفسه مكانة في المدينة؛ ففي حالات كثيرة كان الملك يعد قاعات للقمار لشعبه، على غرار "موناكو" إن لم تكن على صورتها؛ وكان جزء من المال المكسوب يذهب إلى الخزانة الملكية (٤٣)؛ ولقد يبدو ذلك في أعيننا نظاماً يصم أصحابه بوصمة العار، لأننا لم نعتد أن نرى أنظمة القمار عندنا تمد رجال الحكم بيننا بالمال بطريقة مباشرة.

وكانت أخلاقهم في التجارة رفيعة المستوى؛ ولو أن الملوك في الهند الفيدية- كما كان أقرانهم في اليونان الهومرية- لم يرتفعوا عن اغتصاب الماشية من جيرانهم (٤٤)، لكن المؤرخ اليوناني الذي أرخ لحملات الإسكندر، يصف الهنود بأنهم "يستوقفون النظر باستقامتهم، وأنهم بلغوا من سداد الرأي حداً يجعل التجاءهم إلى القضاء نادراً، كما بلغوا من الأمانة حداً يغنيهم عن الأقفال لأبوابهم وعن العهود المكتوبة تسجيلاً لما اتفقوا عليه، فهم صادقون إلى أبعد الحدود" (٤٥). نعم إن في سفر "رج- فيدا" ذكراً للزواج المحرم وللتضليل وللعهر وللإجهاض وللزنا (٤٦)، كما أن هناك علامات تدل على الانحراف الجنسي الذي يجعل الرجال يتصلون بالرجال (٤٧)، إلا أن الصورة