للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على طائفة من الفنانين بتقليد روائع فنهم، دون أن يفقد مع ذلك استقلاله وما يمتاز له من موهبة الابتكار، ولم يكن في حاجة إلى الوحدة يرجع فيها إلى نفسه.

على أن أخلاقه لم تسم كما سمت آدابه؛ ولم يكن في مقدوره أن يصور النساء بتلك الصور الجذابة لو لم يكن قد افتتن بمحاسنهن، وقد كتب أغاني في الحب على ظهر رسومه؛ واتخذ له طائفة من العشيقات واحدة بعد واحدة؛ ولكن يبدو أنه ما من أحد - بما في ذلك البابا نفسه - يظن أن من كان مثالاً عظيماً لا يحق له أن يستمتع بمثل هذه المتع. وهاهو ذا فاساري، بعد أن وصف شذوذ رفائيل الجنسي لا يرى فيما يبدو أي تعارض في أن يقول بعد صفحتين من هذا الوصف إن "اللذين يحاكمونه في حياته الفاضلة سيثابون على ذلك في الجنة" (٧٥). ولمّا أن سأل كستجليوني رفائيل أين يجد نماذج النساء الحسان اللاتي يصورهن، أجابه بأنه يخلقهن خلقاً في خياله بأن يجمع عناصر الجمال المختلفة التي تمتاز بها مختلف النساء (٧٦)؛ ومن ثم كان في حاجة إلى أمثلة منهن متعددة. ومع هذا فإن في أخلاقه وفي أعماله طابعاً صحيحاً يرفع من قدر الحياة، ووحدة وطمأنينة وصفاء في سيرته وسط ما كان يحيط به من نزاع، وفرقة، وحسداً، ومثالب كانت تسود ذلك العصر. ولم يكن يعبأ بالشئون السياسية التي يحترق بلظاها ليو وإيطاليا كلها، ولعله كان يشعر بأن الخصومات التي تتكرر من حين إلى حين بين الأحزاب والدول الطامعة في السلطان، وفي الامتيازات، إن هي إلاّ الزبد الذي يعلو أمواج التاريخ، والذي لا بد أن يذهب جفاء، وأن ليس لشيء ما قيمة ونفع إلاّ الإخلاص للكمال، والجمال، والحق.

وترك رفائيل البحث عن الحقيقة لمن كانوا أكثر منه جرأة وحماسة، وقنع بخدمة الجمال دون غيره؛ فواصل في السنة الأولى من حكم ليو نقش! حجرة إليودورو Stanza d'Eliodoro. فقد شاءت الظروف أن يختار