للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإقدام والجرأة … ومن أجل هذا خر العالم صريعاً أمام الأشرار، فقد وجد هؤلاء الناس أكثر استعداداً للخضوع إلى الضربات طمعاً منهم في دخول الجنة بدل أن بردوا عليها بمثلها (٩٤)

"ولو أن الدين المسيحي قد احتفظ به حسب القواعد التي وضعها له مؤسسه، لكانت الدول والبلاد المسيحية أقوى اتحاداً وأكثر سعادة مما هي الآن. وهل ثمة أدل على ضعفها وانحلالها من أن أقرب الشعوب إلى الكنيسة الرومانية، وهي رأس هذا الدين، أقلها تديناً؛ ومن يبحث المبادئ التي يقوم عليها هذا الدين وير البون الشاسع بين هذه المبادئ وبين أساليبها الحاضرة وشعائرها، يحكم من فوره أن انهيار هذا الدين أو مصيره المحتوم آت غير بعيد (٩٥) … ولعل الدين المسيحي كان يقضي عليه قضاء لا مرد له بسبب ما فيه من فساد لو لم يرد إليه القديسان فرانسس ودمنيك مبادئه الأصيلة … وإذا شئنا أن نضمن للطوائف أو الجمهوريات الدينية حياة أطول وأبقى، وجب أن نرجع بها مراراً وتكراراً إلى مبادئها الأولى الأصيلة (٩٦) ".

ولسنا نعرف هل كتبت هذه الألفاظ قبل أن تصل إلى ايطاليا أنباء الإصلاح الديني أو بعد وصولها إليها.

ويختلف خروج مكيفلي على المسيحية عن خروج فلتير، وديدرو، وبين Paine، ودارون، واسبنسر، ورينان عليها. ذلك أن هؤلاء الرجال كانوا يرفضون لاهوت المسيحية، ولكنهم يحتفظون بالقانون المسيحي الأخلاقي ويعجبون به. وظلت هذه الحال قائمة إلى أيام نتشة ولطفت "حدة النزاع القائم بين الدين والعلم". أما مكيفلي فلا يشغل باله بالعقائد الدينية وبعدها عن المعقول؛ فهو يرى هذا البعد أمراً طبيعياً ويأخذه على أنه قضية مسلم بها، ولكنه يقبل اللاهوت المسيحي قبولا حسناً بحجة أن نظاماً ما من المعتقدات التي فوق الطبيعة هو دعامة لا غنى عنها للنظام الاجتماعي. أما الذي يرفضه من المسيحية رفضاً باتاً فهو مبادئها الأخلاقية، وما تراه من