للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لورندسو ده ميديتشي أن أرتدى أخوه جوليانو أثواباً كلفته ثمانية آلاف دوقة (٨٩).

وحدث في القرن الخامس عشر انقلاب تام في آداب المائدة حين ازداد استعمال الشوكة بدل الأصابع في تناول الطعام ونقله إلى الفم. ولشد ما دهش تومس كريات Thomas Coryat حين زار إيطاليا عام ١٦٠٠ من هذه العادة الجديدة التي لم يتعودها الناس في أي بلد آخر رأيته في أسفاري" على حد قوله، وقد ساعد بنفسه على إدخال هذه العادة في إنجلترا (٩٠). وكانت السكاكين، والشوك، والملاعق تصنع من النحاس الأصفر، ومن الفضة في بعض الأحيان- فإذا كانت من الفضة أعيرت للجيران حين يقيمون المآدب. أما الطعام فقد كان طعاماً وسطاً إلا في المناسبات الهامة أو المآدب التي تقيمها الدولة في المناسبات الرسمية، فقد كان التغالي فيها أمراً واجباً إجبارياً. وكان التوابل- كالفلفل، والقرنفل، وجوزة الطيب، والقرفة، والعرعر والزنجبيل وما إليها- تستخدم بكثرة لزيادة نكهة الطعام وزيادة الظمأ إلى الشراب؛ ولهذا كان كل مضيف يقدم لضيوفه أنواعاً مختلفة من الخمور. وفي وسعنا أن نرجع شيوع الثوم في إيطاليا إلى عام ١٥٤٨، ولكن الذي لاشك فيه أن استعماله بدأ قبل ذلك بوقت طويل. وقلما كان يؤخذ على القوم نهم أو شراهة في الطعام والشراب؛ ذلك أن الإيطاليين في عهد النهضة كانوا كالفريسيين في العهود المتأخرة خبيرين بالأطعمة والأشربة لا نهمين فيها. وإذا ما تناول الرجال طعامهم بمعزل عن النساء كانوا يدعون معهم بعض المحاظي- واحدة أو اثنتين- كما فعل أريتينو حين عزم تيشيان. أما من هم أكثر احتشاماً فقد كانوا يجملون وجبات الطعام بالموسيقى، وارتجال الشعر، والحديث المثقف الدال على حسن التربية.

وقد اخترع فن الحديث- الحديث الجميل- الحديث الذي ينم على