للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نيشيان لا تكاد تقل جمالا عن صورة من صنع نيشيان أو تيرنر Turner؛ ورسالة لميكل أنجيلو يشير عليه فيها بوضع تصميم لصورة العشاء الأخير أليق بها من التصميم الذي وضعه الفنان.

وكان إدراك أريتينو للفن، وتقديره إياه من بين الصفات الطيبة في خلقه وكان أقرب أصدقائه الذكور إليه وأوثقهم صلة به تيشيان وسانسوفينو. وكثيراً ما اجتمعا في ولائم تزدان في العادة بصحبة النساء، وكن من الساقطات؛ فإذا ما دار الحديث فيها حول الفن لم يكن أريتينو تعوزه القدرة على مجاراة الفنان الكبير. وكان يتغنى في رسائله بمديح تيشيان لعدد كبير ممن يتوسم فيهم مناصرة الفن؛ وقد استطاع أن يحصل له على عدد من الأعمال ربما كان له هو نصيب في إنجازها. وكان أريتينو هو الذي أقنع الدوج، والإمبراطور، والبابا، بأن يجلسوا أمام تيشيان ليصورهم، كذلك صور تيشيان أريتينو مرتين. وادعى سانسوفينو أنه ينحت صورة لأحد القديسين، ووضع رأس الشهواني العجوز فوق باب غرفة من غرف المقدسات في كنيسة القديس مرقص، وربما كان ميكل أنجيلو قد صوره هو على أنه القديس بارثولميو في صورة العشاء الأخير.

وكان أحسن وأسوأ من الصورة التي رسمت له؛ وقد اجتمعت فيه الرذائل كلها تقريباً، وكان اللواط من التهم التي رمى بها. وكان نفاقه مما جعل صورة إبوكريتا (النفاق) تبدو صورة صادقة إذا قورنت بأخلاقه هو نفسه. وكان يستطيع إذا شاء أن يجعل لغته ستاراً لحمأة من الأقذار. وكان في وسعه أن يكون وحشياً مجرداً من صفات الرجولة، يشهد بذلك ما أظهره من الشماتة في سقوط كلمنت؛ ولكنه أوتي من الكرم ما جعله يكتب فيما بعد: "إني لأستحي من أنني حسن ذممته قد فعلت ذلك وهو في أفدح الخطوب" (١٧). وكان جباناً لا يستحي من جبنه؛ ولكنه أوتي من الشجاعة ما يستطيع به أن يشنع على الأقوياء، ويندد بالمساوئ التي يعتز بها بعضهم