للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه ذلك المبتز لأموال الناس (٢٨). ولم يسع أريتينو بعد هذه الحادثة إلا أن يراعي الأدب فيما يكتبه عن نتورتو. ولما أن رأى ياقوبو الجدران الواسعة الطويلة التي يبلغ ارتفاعها خمسين قدماً في مرنمة كنيسة مادنا دل أورتو Madonna dell Orto، عرض أن يغطيها كلها بالرسوم الجصية نظير أجر إجمالي قدره مائة دوقة (١٢٥٠؟ دولاراً)، فما كان من المصورين البنادقة إلا أن شكوا من أنه "قد أضر بالحرفة" إذ قدر الفن هذا التقدير الضئيل. ولكن نتورتو صمم على أن يقوم بالعمل.

وقد بلغ الثلاثين من العمر قبل أن يحرز أول نصر له. ذلك أن مدرسة القديس مرقص Scula di San Marco أجرت مباراة لرسم قديسها ينقذ عبداً من العذاب والقتل. وقد وردت هذه القصة في كتاب القصة الذهبية لياقوبو ده فوراجيني Liacopo de Voragine: وخلاصتها أن خادماً من بروفنسال قد نذر أن يحج إلى قبر القديس مرقص في الإسكندرية، ولكن سيده لم يأذن له بالسفر، غير أنه سافر على الرغم من هذا التحريم. فلما عاد أمر سيده يشمل عينيه، ولكن أطراف الحديد انثنت فلم تنفذ فيها. فما كان من سيده إلا أن أمر بتحطيم أطرافه، ولكن القضبان الحديدية لم تحدث أي أثر فيها. وأدرك السيد ما للقديس مرقص من أثر في هذا فعفا عن العبد. وروت صورة نتورتو هذه القصة في ألوان فخمة، وواقعية مقنعة، وقوة مسرحية عظيمة: صورت الرسول المبشر ممسكاً بالإنجيل، هابطاً من السماء لينقذ الرجل المتعبد، الذي يوشك أن يخر صريعاً بضربة يوجهها إليه مغربي، ومن حوله نحو عشرين من مختلف الأشخاص ينظرون إليه وقد بلغ اهتياجهم غايته. وانتهز ياقوبو كل ما أتاحته له القصة من فرص: فصور رجالا أقوياء ونساء ظريفات رشيقات، وحرص على دراسة أثر الضوء على المخملات والحرير والعمامات الشرقية، وعمل على غمر المنظر بالألوان التي تعلمها من جيورجيوني