للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت إيزابلا ذات جمال لا يعادله جمال، هكذا قال رجال حاشيتها أي أنها كان لها نصيب من الجمال، كانت متوسطة القوام، ذات عينين زرقاوين وشعر كستنائي يميل إلى الحمرة. ونالت من التعليم حظا أكبر من فرديناند، وكانت أقل منه ذكاء وأرق حاشية. وكانت تستطيع أن ترعى الشعراء وأن تتحدث إلى الفلاسفة الحذرين، ولكنها آثرت صحبة القساوسة. واختارت أكثر الأخلاقيين تزمتاً ليكونوا أصحاب هدايتها واعترافها. ومع أنها زفت إلى زوج غير أمين فيبدو أنها حافظت على العهود الزوجية الكاملة إلى النهاية، وعاشت في عصر مائع كعصرنا إلا أنها كانت نموذجاً للفخر. ظلت وسط الموظفين الفاسدين والسفراء المنحرفين صريحة مستقيمة لا يتطرق إليها الفساد. ولقد ربتها أمها على الصرامة في اتباع السنة والتقوى، وتوسعت إيزابلا فيهما إلى حد التقشف، وكانت شديدة قاسية في القضاء على الهرطقة بمقدار ما كانت رحيمة كريمة في كل أمر آخر. وكانت الرقة نفسها بالنسبة لأطفالها، وسند الوفاء لأصدقائها. وبذلت وأعطت في سعة للكنائس والأديرة والمستشفيات. ولم تمنعها أرثوذكسيتها من اتهام بعض بابوات عصر النهضة بالخروج على الأخلاق. وتفوقت في كل من الشجاعة المادية والمعنوية، ولقد صمدت للنبلاء الأقوياء وأخضعتهم ونظمتهم واحتملت بهدوء أقصى ضروب الحرمان. وواجهت بشجاعة تنتقل منها إلى غيرها أهوال الحرب وأخطارها. ورأت أن من الحكمة أن تحرص على مظهر الملكة أمام الشعب وغالت في المظاهر الملكية إلى حد البذخ في الحلل والحلي، أما في حياتها الخاصة فقد كانت بسيطة الثياب، معتدلة في طعامها وتزجي فراغها بالتطريز الدقيق للكنائس التي تؤثرها. وعملت بضمير حي في القيام بشئون الحكومة وأخذت على عاتقها المبادأة في الإصلاحات الرشيدة ونهضت بالقضاء وربما كانت في ذلك صارمة أكثر من اللازم، ولكنها صممت على أن ترفع مملكتها من