للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسيحي بسيط، وكان يشاطره في معظم آرائه معاصروه سواء أكانوا من الكثالكة أم من البروتستانت.

ثم إن الاعتقاد في قوة الشياطين وقدرتها على الوجود في كل مكان بلغ في القرن السادس عشر درجة قصوى لم تسجل في أي عصر آخر وقد أفسد هذا الاهتمام بالشيطان كثيراً من اللاهوت البروتستانتي.

وازدادت فلسفة لوثر قتامة بالاقتناع بأن الإنسان بطبعه شرير وميال للإثم (١)، وقد انتزعت الصورة الإلهية من قلب الإنسان عقاباً لعصيان آدم وحواء ولم يبقِ فيه إلا الميول الطبيعية. وها هو يقول: "ليس هناك مَن هو مسيحي أو ورع بفطرته … والناس والجماهير بعيدة عن روح المسيحية ولسوف تكون هكذا … والأشرار يفوقون دائماً الأخيار عدداً" (١٢٦). بل إن أعمال الشر في الرجل الخير تفوق في عددها أعمال الخير لأنه لا يستطيع أن يهرب من فطرته وكما قال بولس: "لا أحد بار، لا أحد". وشعر لوثر "بأننا أبناء الغضب وكل أعمالنا ونياتنا وأفكارنا لا تساوى في الميزان أمام آثامنا" (١٢٧). ومن جهة سير أعمال الخير فإن كل واحد منا يستحق العذاب المقيم، وكان لوثر يقصد بعبارة "أعمال الخير" بصفة خاصة تلك الأشكال من الورع الطقسي الذي أوصت به الكنيسة - الصيام والحج والابتهالات إلى القديسين والقداسات للموتى وصكوك الغفران والمواكب والتبرعات للكنيسة ولكنه ضمّنها أيضاً "كل الأعمال مهما كانت صفتها" (١٢٨) ولم يشك في مدى الحاجة إلى الاحسان والحب لتوفير حياة صحية اجتماعية ولكنه أحس (٢) بأنه حتى لو كانت هناك حياة مباركة بمثل هذه الفضائل فإنها لا تستطيع أن تفوز بسعادة أزلية ويقول "غن الإنجيل لا يبشر بشيء من الجزاء عن الأعمال وإن مَن يقول إن الإنجيل نص على أن الأعمال هي وسيلة


(١) أو كما يجب أن نقول يولد الإنسان بغرائز تتفق مع مرحة الصيد ولكنها في حاجة إلى كبح مستمر في الحضارة.
(٢) أُنظر الطوبوات - إصحاح متّى ٥: ٣ - ١١.