للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للتعليم ومساواة كارلشتادت بين العلامة التحرير وبين الفلاح، وتهون لوثر من شأن التضلع في العلم والحصافة، وأعرب أرازموس عن الرأي العام لعلماء الإنسانيات. وهنا سلم ميلانكتون (٧٨) بهذا الرأي في حزن - وهو يذهب إلى أنه حيث تنتصر اللوثرية ينحط شأن الآداب (أي التعليم والأدب) (٧٩). ودفع البروتستانت هذه التهمة بقولهم إن هذا يرجع إلى أن التعليم بالنسبة لعالم الإنسانيات يعني، أولاً وقبل كل شيء، دراسة الكلاسيات الوثنية والتاريخ الوثني. وشغلت الكتب والمجلات في المجادلات الدينية الذهن والمطابع في ألمانيا وسويسرة مدة جيل بأسره، حتى فقد كل شيء آخر من أشكال الأدب (غير الهجو) تقريباً جمهوره. ووجدت دور النشر مثل دار فروبن للنشر في بازيل والاطلانسي في فيينا عددا قليلاً من المشترين للمؤلفات العلمية التي أصدرتها وكلفتها غالياً، حتى أشرفت على الإفلاس (٨٠) وحجب تعصب المنافسين النهضة الألمانية الفتية، ووصل مسار مسيحية عصر النهضة نحو التوفيق بينها وبين الوثنية إلى نهايته.

وظل بعض علما الإنسانيات مثل أيوبان هيس وأورلريخ فون هوتن مخلصين للإصلاح الديني، وانتقل هس من موقع إلى موقع معاد إلى ارفورت ليجد أن الجامعة قد هجرها روادها. ومات وهو يقرض الشعر في مابورج (١٥٤٠) وهرب هوتن، بعد سقوط سيكنجن، إلى سويسرة، ولجأ إلى السرقة للحصول على طعامه، وهو في الطريق (٨١)، وبحث عن ارازموس في بازيل (١٥٢٢)، وهو يعاني من المرض والخصاصة، على الرغم من أنه كان قد دمغ علناً عالم الإنسانيات بأنه جبان، لأنه لم ينضم إلى المصلحين الدينيين (٨٢). ورفض أرازموس أن يراه وزعم أن موقده لا يصلح لتدفئة عظام هوتن. ونظم الشاعر الآن قصيدة بعنوان "تحذير" ندد فيها بأرازموس ووصفه بأنه زنديق مارق، يفرق كفرخ الدجاج، ووعد بأن يمسك عن نشرها إذا دفع له أرازموس، ولكن أرازموس خيب ظنه، وحث هوتن على التزام جانب الحكمة وتسوية خلافاتهما سلميا،